سيطر متمردو حركة «سيليكا» في أفريقيا الوسطى على العاصمة بانغي بما في ذلك القصر الرئاسي، إثر هجوم خاطف شنوه لإطاحة الرئيس فرنسوا بوزيزي الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات. وأكد قائد عسكري بارز في أفريقيا الوسطى سيطرة المتمردين على المدينة، فيما قال مصدر في القوة المتعددة الجنسية لدول وسط أفريقيا (فوماك) إن «المتمردين سيطروا على المدينة لكن، ما زال يطلق بعض الرصاص في أنحاء متفرقة»، في إشارة إلى وجود مقاومة. وقال الكولونيل جوما نركويو أحد قادة حركة التمرد: «استولينا على القصر الرئاسي. بوزيزي لم يكن بداخله. والآن سنتوجه إلى الإذاعة (الوطنية) ليلقي رئيس «سيليكا» (ميشال جوتوديا) كلمة»، مؤكداً: «كنا نعلم أن بوزيزي ليس هناك». ولم يظهر الرئيس الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات، علناً منذ زيارة قصيرة قام بها الخميس لحليفه الجنوب أفريقي جاكوب زوما في بريتوريا. وأفاد مصدر حسن الاطلاع بأنه «غادر البلاد على متن مروحية» من دون تحديد وجهته. ويكفي عبور نهر أوبانغي لدخول مدينة زونغو في جمهورية الكونغو الديموقراطية. وفي كينشاسا صرح الناطق باسم الحكومة لمبير ميندي بأن «الرئيس بوزيزي لم يطلب الدخول إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية ولم يأتِ، لم يشر إلى قدومه». وفي برازافيل، قال وزير الخارجية الكونغولي بازيل إيكويبي «لا أنا ولا رئيس الجمهورية (ساسو نغيسو) تبلغنا خبر وصوله إلى الأراضي الكونغولية». لكن مسؤولاً في الأممالمتحدة قال إن كينشاسا طلبت من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المساعدة في نقل عائلة رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرنسوا بوزيزي بعد أن فر من بلاده. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه عبر رسالة نصية بالهاتف المحمول إن حكومة الكونغو الديموقراطية «طلبت من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نقل 25 من أفراد عائلة بوزيزي من بلدة زونجو إلى جيمنا». وفي باريس، أكد إريك ماسي الناطق باسم حركة التمرد أن المتمردين «بصدد الانتشار في أنحاء العاصمة كافة لشن عمليات تضمن الأمن وتحول دون عمليات النهب». وأفاد شهود بأن مسلحين وبعض السكان اغتنموا الفرصة لارتكاب أعمال نهب في المحال التجارية والمطاعم والمنازل والسيارات. وحذر الكولونيل نركويو من «أن نهار اليوم سيكون حاسماً. رجالنا في بانغي ويتمركزون في مواقعهم». وبدأ النهار بتبادل إطلاق نار كثيف، لكنه أصبح متفرقاً. وقال شاهد إن ستة جنود على الأقل من جنوب أفريقيا قتلوا في اشتباكات في بانغي. وأضاف: «رأيت جثث ستة جنود من جنوب أفريقيا. قتلوا جميعاً بالرصاص. سياراتهم دمرت. جاء جنود آخرون من جنوب أفريقيا لانتشال الجثث». وكان المتمردون شنوا هجوماً في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) الماضي على شمال البلاد وحققوا الانتصار تلو الانتصار على القوات الحكومية المربكة قبل وقف تقدمهم نزولاً عند ضغط دولي على مسافة 75 كلم شمال بانغي. وأدت اتفاقات السلام الموقعة في ليبرفيل في 11 كانون الثاني (يناير) الماضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم وزراء من فريقي بوزيزي والمعارضة والتمرد. لكن المتمردين استأنفوا عملياتهم المسلحة يوم الجمعة الماضي، بمبرر عدم احترام فريق بوزيزي الاتفاقات وأعلنوا أنهم يريدون تشكيل حكومة انتقالية في حال سيطرتهم على بانغي. وأعلن المتمردون في بيان أول من أمس، أنهم «متمسكون بديناميكية شاملة يمكن أن تؤدي إلى مرحلة انتقالية» مستبعدين «أي محاولة انتقام أو إقصاء». وانتخب الرئيس بوزيري الذي استولى على الحكم بالسلاح في 2003، وأعيد انتخابه في 2011 في اقتراع طعنت فيه المعارضة بشدة واعتبرته «مهزلة». وقال المتمردون قبل سقوط القصر الرئاسي، إن «أفريقيا الوسطى فتحت عهداً جديداً في تاريخها». غير أن غي سيمليس كوديغي الناطق باسم «الجبهة الجمهورية من أجل التداول على السلطة والسلام» وهو ائتلاف سياسي يجمع أحزاب معارضة وجمعيات من المجتمع المدني، أعلن من باريس أمس، أن «الأصعب يبدأ الآن»، مؤكداً: «أمامنا عمل كبير في إعادة الإعمار الوطني لا نريد انتقاماً، بل نحن في حاجة إلى الجميع». واعتبر أن «رئيس المرحلة الانتقالية يجب أن يعينه مؤتمر وطني سيادي بالتوافق». ورفض الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مطلع هذا العام، خلال سيطرة المتمردين على معظم أنحاء أفريقيا الوسطى، دعم نظام بوزيزي، وأرسلت فرنسا، القوة الاستعمارية سابقاً 250 جندياً إلى بانغي للحفاظ على الأمن في المطار و1250 فرنسياً في ذلك البلد. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية أمس، إن فرنسا لا تعتزم إرسال المزيد من القوات إلى جمهورية أفريقيا الوسطى بعد سيطرة المتمردين على بانغي. وأردف أن الوزارة تحض مواطنيها في البلاد على أن تكون تحركاتهم في أضيق حدود.