نجح الفنان اللبناني زياد الرحباني في كسب جمهوره المصري أول من أمس، في ختام الدورة الخامسة لمهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز، حين جعل من الرئيس المصري محمد مرسي هدفاً ثميناً مستغلاً في مداعباته للجمهور عبارات كثيرة يوردها مرسي في خطاباته وأبرزها عبارة «دونت ميكس» التي استخدمها الرحباني كثيراً وهو يتحدث مع فريقه على المسرح. وخلافاً لما هو متوقع لم تنجح الحملات التي دعت الى مقاطعة الحفلة بزعم دعم الرحباني لنظام بشار الاسد في التأثير على الجمهور الذي توافد الى حديقة الازهر بأعداد غفيرة زادت عن خمسة آلاف مشاهد ردّدوا معه كثيراً من الاغاني التي تمثل علامات في مشوار صاحب «الجوع كافر». وباستثاء هتاف خافت لبعص الحضور في خلفية المسرح، ضد بشار الاسد وأعوانه، لم تشهد الحفلة أي أحداث غير متوقعة. وبدا واضحاً ان الرحباني أدى بطريقة أكثر ارتياحاً، مقارنة بمواجهته الاولى مع الجمهور المصري قبل عامين في ساقية الصاوي. وذلك بفضل تحسينات تقنية أدخلت على أنظمة الصوت ومزيد من التنظيم. لكن شكوى من ضعف الصوت شغلت قطاعات من الجمهور الذي تحدث عن ضرورة ان يغني صاحب «فيلم أميركي طويل» في مسرح مغلق ومجهز تقنياً. وأطال الرحباني زمن الحفلة التي تجاوزت الساعتين ونصف الساعة، ربما تعويضاً عن ظهوره المتأخر عن الموعد المقرر لنحو أربعين دقيقة. إلا أن الجمهور لم يُبدِ نفوراً أو انزعاجاً واستقبله بتصفيق حار. وأعطى الرحباني نكهة مختلفة لحفلته المصرية الاولى من نوعها بعد «ثورة 25 يناير»، اذ اختار مقاطع من مسرحياته الشهيرة «فيلم اميركي طويل»، و«بالنسبة لبكرا شو» لتقدم في صورة فواصل واسكتشات فاصلة بين الاغاني والمقطوعات الموسيقية. واختيرت تلك الفواصل بعناية وبدت كشيفرات نصيّة يرغب في توصيلها لهذا الجمهور الذي يعيش زمناً ملتبساً. وبدأ شيفراته بجملة «لازم قبل ما تعمل ثورة على النظام، يكون في نظام». فانقسم الجمهور في التعاطي مع هذه الجمل بين مرحب بها ومندهش منها في عرض موسيقي، غير ان الجمهور المرتبط بتجربة الرحباني وجد فيها نوعاً من الاحياء لمسرحه المشاغب بمسحته الكاريكاتورية. ووُفق زياد الى حد كبير في اختيار الاغاني التي قدمت في الحفلة ومنها «أنا مش كافر» و «شو ها الايام اللي وصلنالها» و «كيفك انت» و «بكتب اسمك يا حبيبي». كما وُفّق في اختيار المقطوعات التي تندرج في اطار موسيقى الجاز التي هي عنوان المناسبة، فانتقى المقطوعة العالمية «تشييز كيك» وأداها الى جانب مقطوعات أخرى له اقرب الى الجاز الشرقي الذي يميزه والذي مكنه من بناء قاعدة جديدة مع جمهور غالبيته من الشباب. واختتم بأغنية «بلا ولا شي» واختار للعزف معه مجموعة من أفضل العازفين في مصر ومنهم عازف العود حازم شاهين الذي صاحبه في «شو ها الايام»، وعازف الايقاع هاني بدير، والمطرب هاني عادل الذي غنى أكثر من دويتو مع المؤديات اللواتي كنّ مع زياد على المسرح. لكن نعيمة البرازيلية لفتت النظر بزيها الفولكوري الأقرب لبدلات الرقص الشعبي في مصر.