دفعت الغارات التي شنتها مقاتلات التحالف الدولي - العربي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الى التراجع في مدينة عين العرب (كوباني) الكردية، لكن عملية كرّ وفرّ بين عناصر «داعش» والمقاتلين الأكراد استمرت داخل أحياء المدينة. وقالت القيادة المركزية الأميركية في الجيش الأميركي في بيان إنه جرى تنفيذ ست ضربات جوية استهدفت تنظيم «الدولة الإسلامية» قرب عين العرب مساء الثلثاء وصباح الأربعاء. وأضافت ان الضربات التي نفذتها قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة دمرت حاملة جند مدرعة ومركبات تحمل أسلحة وقطعاً مدفعية خاصة بالمتشددين. وأضافت أن الضربات الجوية كانت ضمن تسع غارات جوية على سورية جرى تنفيذها خلال اليومين الأخيرين بالاشتراك مع الإمارات العربية المتحدة باستخدام قاذفات ومقاتلات وطائرات يجري التحكم فيها من بعد. وتابعت: «غادرت كل الطائرات أماكن الضربات بسلام». وشنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» هجوماً في شرق مدينة عين العرب أمس بهدف استعادة أحياء انسحب منها ليلاً بعد ضربات مقاتلات التحالف قتل فيها 45 مقاتلاً جهادياً خلال اليومين الماضيين، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس»: «دارت اشتباكات عنيفة في شرق مدينة عين العرب بعدما شنّ تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً لاستعادة الأحياء التي فقد السيطرة عليها». وأضاف: «قتل ثلاثة من افراد وحدات حماية الشعب (الكردية) وأصيب عدد آخر منهم بجروح، وهناك خسائر بشرية مؤكدة في صفوف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية». وتمكن تنظيم «الدولة الإسلامية» مساء الاثنين من دخول عين العرب التي يتقدم نحوها منذ اكثر من ثلاثة اسابيع، بعد معارك ضارية مع مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية. وسيطر على ثلاثة احياء في شرق المدينة وتمركز على بعض الأطراف الجنوبية والجنوبية الغربية قبل ان يتمكن المقاتلون الأكراد من صده، ما اجبره على التراجع بعض الشيء. وكان «المرصد» ذكر في وقت سابق ان مقاتلي التنظيم انسحبوا ليلاً من مناطق عدة في شرق مدينة عين العرب ومن الأطراف الجنوبية الغربية. وأوضح أن الانسحاب جاء بعد استهداف «مواقعهم الخلفية بالغارات ما خلف خسائر بشرية في صفوفهم كما تأكدت اصابة أربع عربات على الأقل للتنظيم». وأوضح «المرصد» ان غارات الائتلاف الدولي - العربي خلال اليومين الماضيين شملت اطلاق 23 صاروخاً، وقتل فيها ما لا يقل عن 45 مقاتلاً من تنظيم «الدولة الإسلامية»، معتبراً أن هذه الضربات «كان لها تاثير (...) في قوة داعش». وشاهدت صحافية في وكالة «فرانس برس» الدخان يتصاعد من شرق المدينة بعد الغارة الأولى. وقال مدير إذاعة «آرتا. إف إم» الكردية مصطفى عبدي من كوباني في اتصال هاتفي إن الغارة «استهدفت تجمعاً لمقاتلي داعش وكنت أتابع بالمنظار وشاهدت إلقاء صاروخين على التجمع». وتابع عبدي: «هناك مجموعة هائلة من المتوحشين المسلحين بكل انواع السلاح والأحزمة الناسفة تطوق مدينة صغيرة (...) ومقاتلو وحدات حماية الشعب يستبسلون في الدفاع عن الأرض، لكنهم يحتاجون الى اسلحة وذخيرة»، معتبراً أن «الغارات تساعد على منع سقوط المدينة، لكن المطلوب مدّ الموجودين بالسلاح». وأضاف «يعاني المقاتلون الأكراد من نقص في الذخيرة وفي المواد الغذائية». وذكر أن السلطات التركية «لا تسمح بدخول الأسلحة والمقاتلين»، موضحاً «يومياً يسقط شهداء وجرحى. حتى عند نقل الجرحى، السلطات التركية تفتح البوابة (الحدود) مزاجياً. في الأمس انتظر عشرة جرحى اكثر من ساعة ليسمحوا لهم بالعبور، وتوفي اثنان منهم نتيجة النزف». وأشار عبدي إلى استمرار وجود «حوالى ألف مدني يرفضون الخروج من كوباني. زرت عدداً منهم بنفسي وسألتهم لماذا لا يخرجون على رغم كل التحذيرات، وعلى رغم أن كوباني أصبحت أخطر مدينة في العالم؟ قال احدهم وعمره 65 سنة: الى اين نذهب؟ لنمتْ هنا، افضل من ان نموت على الطريق». وقال إدريس ناسان نائب وزير الخارجية في الإدارة المحلية التابعة ل «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» امس، «إنهم الآن خارج مداخل مدينة كوباني. كان الضرب والقصف فعالاً جداً ودفع «الدولة الإسلامية» للتراجع عن مواقع كثيرة». وأضاف: «هذا هو أكبر تراجع لهم منذ دخولهم المدينة ويمكن أن نعتبره بداية العد التنازلي لتراجعهم عن المنطقة». وبدأ تنظيم «الدولة الإسلامية» هجومه في اتجاه كوباني في 16 ايلول (سبتمبر) الماضي، وسيطر على منطقة واسعة في محيطها، حتى فرض عليها حصاراً من ثلاث جهات، بينما تحدّها تركيا من الجهة الرابعة. وقتل في المعارك اكثر من 400 شخص غالبيتهم من المقاتلين من الطرفين، وفق «المرصد السوري». كما نزح اكثر من 300 الف شخص. وكان عدد سكان كوباني قبل بدء النزاع السوري يناهز الخمسين الفاً، لكنه تضخم بعشرات الألوف الأخرى مع موجة النزوح اليها من مناطق سورية اخرى.