طالبت والدة الأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ أكثر من 240 يوماً، الرئيس باراك أوباما بالتدخل لإنقاذ حياة نجلها، في وقت تشهد الأراضي الفلسطينية تظاهرات احتجاج في استقبال أوباما الذي يزور المنطقة غداً وبعد غد. وقالت ليلى العيساوي في رسالة مفتوحة وجهتها إلى أوباما أمس: «أخاطبك بصفتك الحليف الأول لإسرائيل كما وصفت نفسك، ورئيس أقوى دولة في العالم كما يصفك الآخرون، كي تتدخل فوراً لإنقاذ حياة ابني سامر الذي يهدده الموت في كل لحظة تمر، وكي تبرئ نفسك من دمه بعد أن حمله (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو». وأضافت: «سامر خرج من السجن في صفقة تبادل الأسرى التي تمت برعاية مصر وبمباركتكم (تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011)، وأعادت حكومة نتانياهو اعتقاله في 7 تموز (يوليو) عام 2012، وحكمت عليه المحكمة الإسرائيلية بالسجن ثمانية أشهر، وهذه انقضت، وبدل أن تطلقه إسرائيل، فتحت له ملفاً سرياً لإبقائه في السجن 20 عاماً إضافية». وتابعت: «أنا أم فلسطينية، ومثلي آلاف الأمهات اللواتي يتألمن ويعانين. أنا أم فادي الذي اغتالته إسرائيل عام 1994 وهو في عمر الزهور، وأم مدحت القابع في سجون (إسرائيل)، وأم رأفت الذي هدمت إسرائيل بيته وشردت أسرته، وأم شيرين وفراس وشادي الذين لم ينجوا من الاعتقال المتكرر والتعذيب. نحن أسرة تمنع إسرائيل عنا الماء، ولو استطاعت لمنعت عنا الغذاء والدواء». وخاطبت أوباما قائلة: «أيها القادم إلى أرض السلام بعدما توجك العالم بجائزة نوبل للسلام، أنا لم أسمع، بعد مرور أربع سنوات طويلة على رئاستك، أنك قدمت عملاً واحداً من أجل السلام أو رفعت الضيم عن إنسان». وقالت: «الآن هي فرصتك كي تنقذ سامر من بين أنياب هذا الاحتلال المتوحش حتى لا أتساءل مع ملايين غيري في هذا العالم: لماذا جئت إلينا؟». ويوماً بعد يوم تتسع دائرة الانتقادات الشعبية الفلسطينية لزيارة أوباما إزاء الانحياز الأميركي الدائم لإسرائيل وأمنها ومصالحها على حساب الشعوب العربية والشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. وتشهد أنحاء من الضفة الغربية فعاليات وتظاهرة مناهضة لزيارة أوباما، فيما تنظم الفصائل مسيرة ووقفة احتجاجية على الزيارة اليوم في مدينة غزة تنتهي إلى خيمة التضامن مع الأسرى. وعلى رغم ما تظهره القيادة الفلسطينية من الترحيب الكبير بالرئيس الأميركي الزائر، إلا أنه على المستوى الداخلي ثمة الكثير من عدم الرضى والإحباط، ليس فقط من الزيارة، بل أيضاً من المقاربة الجديدة التي يتبناها أوباما تجاه العملية السلمية والقائمة على دعوة الجانبين للعودة إلى المفاوضات من دون أي التزامات مسبقة، وفي مقدمها التزام وقف الاستيطان. وبدا أن ما قاله الأمين العام للمبادرة الوطنية الدكتور مصطفى البرغوثي أمس في لقاء مع الصحافيين الأجانب في القدس، هو ما تقوله القيادة الفلسطينية في اللقاءات الداخلية، وتتجنب، حرجاً، قوله في اللقاءات المعلنة، علماً أن الجهة التي نظمت هذا اللقاء هي دائرة شؤون المفاوضات التي يرأسها كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات. وقال البرغوثي إن الفلسطينيين غير راضين عن رفض أوباما استقبال ابنة أحد الأسرى، وعن رفضه وضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات. وذكّر أن الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون التقى ابنة أحد الأسرى ووعدها بالعمل على إطلاق والدها، لكنه لم يفلح. واعتبر رفض أوباما زيارة قبر عرفات «معاملة غير عادلة للفلسطينيين»، مشيراً إلى أنه سيزور في إسرائيل قبر رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين، وقبر مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل. وأعلن البرغوثي بصراحة في اللقاء أنه لا يوجد كثير من التوقعات من هذه الزيارة لأسباب منها أن الناطقين الأميركيين أعلنوا مراراً وتكراراً أن الرئيس قادم للاستماع فقط. وأضاف: «ومنها إن الذكرى العشرين لاتفاق أوسلو تصادف هذا العام، وأوضاعنا أكثر سوءاً مما كانت عليه قبل (اتفاق) أوسلو». وأضاف إن «الرئيس الأميركي يظهر سلبية واضحه وهو يرى حل الدولتين يموت أمام عينيه». وقال البرغوثي: «الفلسطينيون غير سعداء ومحبطون من الزيارة لأنها لا تتضمن قيام الرئيس الأميركي بالاطلاع على حقيقة الفصل العنصري، كما يجري في مدينة الخليل، وفي الطرق والحافلات، وهو فصل عنصري أكثر سوءاً مما تعرض له أجداد أوباما السود في أميركا لأنه لم يشمل الطرق والحافلات كما يجري هنا حيث تخصص طرق وحافلات للمستوطنين فقط ويحظر على الفلسطينيين المشاركة فيها ... ومنها أيضاً المياه حيث يستهلك المستوطنون 2400 مليون متر مكعب من المياه سنوياً في مقابل 5 ملايين متر مكعب للفلسطينيين، علماً أن عدد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967 أكثر من أربع ملايين نسمة بينما عدد المستوطنين نصف مليون نسمة». وأشار البرغوثي إلى أن أوباما وجه رسالتين في خطابه الشهير في القاهرة في ولايته الأولى قبل أربع سنوات، أولها أن على إسرائيل أن توقف الاستيطان فوراً، وأن على الفلسطينيين التزام المقاومة السلمية. وأضاف: «الإسرائيليون لم يلتزموا وواصلوا البناء في المستوطنات، لكن الفلسطينيين التزموا المقاومة السلمية التي انضمت إليها القوى كافة من فتح إلى حماس». وتابع أن أميركا قادرة على فرض ضغوط على إسرائيل من أجل وقف المستوطنات، لكنها لا تفعل، ما يثير أسئلة عن جديتها في إنهاء الصراع. من جهتها، دعت جمعية «واعد للأسرى والمحررين» ذوي الأسرى والمحررين والناشطين إلى «الانتفاض غضباً ورفضاً» للزيارة في ظل «الوضع المأسوي» الذي يحياه الأسرى في السجون الإسرائيلية. وطالبت في بيان أهالي الأسرى، خصوصاً في «الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة والقدس باعتراض موكب أوباما، ورفع صور أبنائهم وإيصال صوتهم وصرخات معاناتهم».