يتنافس وزير سابق وباحث اقتصادي على الفوز بمنصب رئيس حكومة المعارضة السورية في اجتماع الائتلاف الوطني المعارض الذي يبدأ اليوم في إسطنبول بهدف اختيار أول رئيس حكومة تتولى إدارة «المناطق المحررة». وتبين أن غالبية ترى بأن يتولى المنصب شخص كان يقيم حتى وقت قصير في الداخل السوري بدلاً من اختيار شخصية عاشت في المنفى فترة طويلة. وتوقع مطلعون أن تحدث مفاجأة خصوصاً أن الاقتراع سري. وقد تم إرجاء هذا الاجتماع مرتين قبل أن يُحدد عقده الاثنين في أحد فنادق إسطنبول في تركيا وأبرز بند على جدول أعماله اختيار رئيس حكومة بين أكثر من عشرة أسماء أعلنها الائتلاف. وعلى رأس اللائحة وزير الزراعة السابق أسعد مصطفى والباحث الاقتصادي أسامة قاضي. وقال عضو الائتلاف أحمد رمضان في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، «إذا كان المطلوب شخصية تقنية، يمكن أن يفوز أسامة قاضي. وإذا كان الاختيار سيتم على أساس من يملك خبرة أكثر في الممارسة السياسية، فسيكون أسعد مصطفى». وأسامة قاضي هو رئيس المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن. ولد في حلب عام 1968، ودرس في الولاياتالمتحدة. أما أسعد مصطفى فقد ولد في إدلب عام 1947، وكان وزيراً للزراعة في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد بين عامي 1992 و2000 قبل أن ينتقل إلى الكويت ويعمل مستشاراً في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. وكان «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» نشر على صفحته على موقع «فايسبوك» للتواصل على الإنترنت أسماء عشرة مرشحين، بينهم المعارض القديم ميشال كيلو الذي اعتذر عن عدم قبول الترشيح، بالإضافة إلى اثنين لم يتم ذكر اسميهما كونهما موجودين في الداخل السوري. وسيعمد أعضاء الائتلاف إلى اختيار رئيس الحكومة عن طريق الانتخاب، وبالتالي لا يستبعد حصول مفاجآت، لا سيما مع وجود تدخلات خارجية كثيرة، بحسب ما أبلغ معارضون سوريون «فرانس برس». وقال رمضان: «المرحلة المقبلة مرحلة صعبة وتتطلب رجالاً أكفاء»، مضيفاً: «لا نختار رئيس حكومة على أساس من يملك اسماً هو الأكثر تداولاً في وسائل الإعلام، بل من هو قادر على ترؤس حكومة تهتم بقضايا الشعب السوري الأساسية ولديه رصيد من الخبرة وملتزم بأهداف الثورة». وباستثناء المعارض المسيحي ميشال كيلو، فان المرشحين الآخرين غير معروفين تماماً في الأوساط الشعبية والإعلامية، وهم، بالإضافة إلى قاضي ومصطفى، بهيج ملا حويج وهو طبيب مقيم في إسبانيا، وجمال قارصلي وهو ناشط مقيم في ألمانيا، وسالم المسلط وهو باحث في الشأن الخليجي كان مقيماً في دبي قبل التفرغ للثورة من تركيا، وعبد المجيد الحميدي الخبير في اللغة العربية في جامعة الطائف في السعودية، وغسان هيتو وهو كردي مقيم في الولاياتالمتحدة، وقيس الشيخ وهو باحث في الفقه والقانون، ووليد الزعبي وهو رجل أعمال. ورأى المعارض البارز هيثم المالح الذي كان أول من طرح ضرورة تشكيل حكومة موقتة أن «رئيس الحكومة يجب أن يكون رجلاً بكليته مع الثورة، والأفضل أن يكون رجلاً أقام حتى وقت قصير في الداخل السوري (...) مثل هذا أولى بتولي المسؤولية ممن يعيشون في أميركا أو أوروبا». وأوضح رمضان أن آلية اختيار رئيس الحكومة ستتم على الشكل التالي: «يتم التصويت على اسم بين الذين يوافقون على الاستمرار بالترشيح، ثم تجري عملية اقتراع أخرى على الاسمين اللذين يحصلان على أكبر عدد من الأصوات». وأضاف: «إذا حصل توافق على اسم واحد، يكون الأمر جيداً، وإلا سيتم الأمر بشكل ديموقراطي». ويفترض برئيس حكومة المعارضة أن يعمل بعد ذلك على اختيار أعضاء حكومته ليعرضها على «الائتلاف» لإقرارها قبل أن تستقر الحكومة في الأراضي الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة التي يسودها كثير من الفوضى في ظل غياب المؤسسات والخدمات العامة عنها. ويتوقع ألا يخلو اجتماع «الائتلاف» من تشنج ونقاشات، لا سيما أن البعض داخله لا يزال يفضل إرجاء مسألة تشكيل الحكومة. وقال رمضان: «هناك رأي يقول بوجوب تشكيل سلطة تنفيذية محدودة الصلاحيات تدير المناطق المحررة، على أن يتم إرجاء مسألة تشكيل الحكومة. إلا أن رأي الغالبية هو مع تشكيل حكومة موقتة تتحول بعد سقوط النظام إلى حكومة انتقالية». وأوضح أعضاء في الائتلاف رفضوا كشف أسمائهم ل «فرانس برس» أن الذين يفضلون إرجاء تشكيل الحكومة «يلتقون مع الموقف الأميركي الذي يريد التركيز على فتح حوار مع النظام السوري من أجل التوصل إلى حل عبر تشكيل حكومة انتقالية مختلطة تضم ممثلين للنظام والمعارضة». ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن «تشكيل الحكومة الموقتة من شأنه أن يعرقل إمكانية فتح الحوار». ويعلق الناشطون المعارضون على الأرض آمالاً على حكومة المعارضة المرتقبة. وقال مطر إسماعيل من دمشق ل «فرانس برس» عبر سكايب: «هناك حاجة حقيقية في المناطق المحررة لإدارة أفضل للحياة اليومية». وأضاف: «لا يفترض أن تكون حياة المدنيين بين أيدي الجيش السوري الحر، ولا بد من سلطة مدنية تشكل بديلاً من حكومة الأسد». وعبر إسماعيل عن قلقه «كوننا لا نعرف معظم المرشحين، لكننا نأمل بأن يستمع أعضاء الائتلاف إلى صوت ضميرهم ويختاروا بحكمة».