تسلّمت حكومة علي العريض مساء أمس الخميس في قصر الحكومة بالقصبة في العاصمة التونسية مهماتها من رئيس حكومة تصريف الأعمال حمادي الجبالي، بعد يوم من تأديتها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي في القصر الرئاسي بقرطاج. وحضر احتفال التسليم والتسلم وزراء الحكومة المستقيلة والحكومة الجديدة. ومن المنتظر أن تبدأ الحكومة غداً عملها الرسمي بعد نيلها ثقة نواب المجلس الوطني التأسيسي وأدائها اليمين، وذلك في ظل تواصل الانشقاقات في التحالف الحكومي. إذ أعلن محمد عبو الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب رئيس الجمهورية) استقالته نهائياً من الحزب صباح أمس. وكان محمد عبو أعلن استقالته في الأسابيع الماضية ومن ثم تراجع عنها. وقد أثارت هذه الاستقالة جدلاً كبيراً في الساحة السياسية. وفسّر محمد عبو استقالته بأنه يرفض الشكل الذي قامت عليه الحكومة الجديدة والمشاركة «السلبية» لوزراء حزب «المؤتمر» فيها، إذ اعتبر أنهم لم يسعوا إلا إلى الحفاظ على مناصبهم الوزارية قبل الحفاظ على مصلحة الوطن. وعبّر محمد عبو عن رغبته في خوض تجربة سياسية جديدة بعيداً من حزب «المؤتمر» الذي كان يرأسه المرزوقي قبل توليه منصب رئيس الجمهورية. وقال عبو إنه يعتزم تشكيل حزب جديد «يعارض» سياسيات الحكومة الحالية التي يرأسها العريض القيادي في حركة «النهضة» الإسلامية. وفي سياق متصل، عبّر حمة الهمامي الناطق باسم «الجبهة الشعبية» اليسارية عن عدم دعم الجبهة لحكومة علي العريض ووصفها بأنها «حكومة التفاف على الثورة» ومواصِلةٌ سياسات الحكومة السابقة ذاتها، التي استقالت بعد أزمة سياسية شهدتها البلاد عقب اغتيال المعارض العلماني البارز شكري بلعيد في 6 شباط (فبراير) الماضي. وأكّد الهمامي خلال مؤتمر صحافي أمس تمسك «الجبهة الشعبية» بضرورة تنظيم مؤتمر وطني للإنقاذ رداً على التشكيلة الحكومية الجديدة التي اعتبرها «نسخة رديئة» من حكومة حمادي الجبالي المستقيلة. كما أشار، في السياق ذاته، إلى أنّ تعيين 1400 موظف تابع لحزب «حركة النهضة» في الإدارات والمؤسسات العمومية لن يساعد فعليّاً على تحييد وزارات السيادة بحسب قوله. واعتبر أن وجود وزراء مستقلين لا يعني أن الجهاز الإداري سيكون محايداً، كما قال. وفي سياق آخر، تحوّلت جنازة البائع المتجول عادل الخزري (27 عاماً) الذي أحرق نفسه قبل يومين في قلب العاصمة احتجاجاً على تردي ظروفه المعيشية، إلى تظاهرة شارك فيها مئات الأشخاص في قرية سوق الجمعة بمحافظة جندوبة شمال غربي البلاد. وردد المتظاهرون، كما أوردت «فرانس برس»، هتافات مثل «يا حكومة عار..عار..عادل أحرق نفسه بالنار» و «بالروح.. بالدم..نفديك يا شهيد» و «يا حكومة اعتني بنا وإلا فالجزائر (جارة تونس) أولى بنا» و «تعيش الجزائر». وتجمع مئات الأشخاص أمام منزل عائلة الشاب المتوفى قرب الحدود الجزائرية، ورددوا هتافات معادية لحزب «حركة النهضة» التي تقود الحكومة من بينها «خبز وماء والنهضة لا»، كما رفعوا شعارات ضد راشد الغنوشي رئيس الحركة وطالبوه بالرحيل. وأعادت حادثة إحراق عادل الخزري نفسه إلى الأذهان انتحار البائع المتجول محمد البوعزيزي مفجّر «الثورة» التي أطاحت مطلع 2011 الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. والاربعاء أعرب الرئيس المنصف المرزوقي عن «عميق حزنه وألمه» اثر وفاة الخزري، التي قال انها حصلت «بالكيفية المؤلمة والمرعبة ذاتها التي توفى بها شهيد ثورتنا (محمد البوعزيزي) وربما للأسباب ذاتها، نتيجة فقدانه الأمل وانسداد الافق في عيونه كغيره من شبابنا الذين لا يرون من بصيص لحل مشاكلهم ومعاناتهم». ورغم ان البطالة كانت من الاسباب الرئيسية للثورة التونسية، فان السلطات الجديدة في تونس لم تتمكن من حل هذه المشكلة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والامني في البلاد. ونقلت «فرانس برس» عن معهد الاحصاء التونسي (الحكومي)، أن معدّل البطالة انخفض سنة 2012 بنسبة 2.2 في المئة الى 7.16 في المئة، وان عدد العاطلين تراجع الى 653 الفاً، فيما تقدر المعارضة ومنظمات اهلية العدد «الحقيقي» للعاطلين بأكثر من مليون ونصف. وفي هذا الشأن، قال علي العريض ل «فرانس برس» إن حكومته تستهدف توفير 90 الف فرصة عمل جديدة منها 23 الفاً في القطاع العام قبل نهاية 2013. وأعلنت حكومة حمادي الجبالي أنها وفرت في العام الماضي 100 الف فرصة عمل جديدة منها حوالى 25 الفاً في القطاع العام فيما تشكك منظمات للعاطلين من خريجي الجامعات باستمرار في صحة هذه الأرقام وتتهم الحكومة ب «تضخيمها لغايات سياسية وانتخابية».