حصد فيلم «أرغو» من إخراج النجم الهوليوودي بن أفليك وبطولته، جائزة الأوسكار كأفضل عمل سينمائي لعام 2013، غير أن الفيلم نفسه حاز أيضاً جائزتي أفضل تركيب وأفضل سيناريو مقتبس. و «أرغو» من إنتاج الممثل جورج كلوني الذي تسلم التمثال الصغير على المسرح إلى جوار بن أفليك معبراً عن فرحه الكبير للتكريم الذي استحقه الفيلم. تحول كلوني في منتصف التسعينات من القرن العشرين، وبسرعة البرق، من طريق مشاركته في المسلسل التلفزيوني الناجح «غرفة الطوارئ»، من مجهول تام إلى نجم تتهافت عليه وسائل الإعلام لنقل أخباره إلى جمهوره العريض والمكون أساساً من النساء، نظراً إلى ما يتميز به الفنان من جاذبية ووسامة وقدرة على إبهار الجنس اللطيف يقال إنها تعادل تلك التي تمتع بها وارن بيتي سنوات طويلة قبل أن يتزوج ويقلل من أسلوبه «الدونجواني» فوق الشاشة وخارجها. واقتحم كلوني دنيا السينما وصار أحد ألمع ممثليها من طريق مشاركته في أفلام تتميز بشعبية كبيرة وتوزع في العالم كله. وإضافة إلى نشاطه كممثل اتجه النجم إلى الإخراج والإنتاج مدافعاً من خلال أفلامه عن وجهات نظره السياسية، خصوصاً في عهد جورج دبليو بوش الذي اعتبره النجم كارثة بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة. كما حصد كلوني الكثير من الأوسمة عن مبادراته لمصلحة السلام في العالم ودعمه جمعيات رعاية الطفولة المعذبة، وهو صار سفيراً رسمياً للسلام لدى منظمة الأممالمتحدة. زار كلوني باريس لحضور أحد عروض الأزياء في أسبوع الموضة، هنا حوار معه: من أين يأتي اهتمامك بالموضة؟ - من أناقتي الطبيعية، إذ إنني أولي مظهري أهمية بالغة في كل ظروف حياتي اليومية، ولا يمكنني أن أشعر بأي نوع من راحة البال إلا إذا كنت مرتاحاً في ثيابي وراضياً عن الصورة التي أعطيها لغيري عن نفسي. إن أناقتي هي جواز السفر الذي أحمله أين ما ذهبت والذي يحضّ الغير على قبولي أو رفضي. لذا، تجدني أكثر من مسرور حينما تطلب مني الشركات المنتجة أفلامي أن أرتدي بدلة «سموكينغ» من ابتكار أحد عمالقة الموضة الرجالية في ميلانو أو باريس، وذلك من أجل حضور حفلات العروض الأولى في البلدان المختلفة. أما عن حضوري بعض عروض أسبوع الموضة النسائية في باريس، فهو عبارة عن مجرد تلبية دعوات تلقيتها من دور تعرف أنني أهتم بالأناقة وأحب كل ما هو جميل ومتقن، لا أكثر ولا أقل. كيف عشت لحظة الإعلان عن فوز فيلم «أرغو» بأوسكار أفضل عمل سينمائي 2013؟ - كانت فرحة لا تقارن بأي شيء عرفته في حياتي المهنية حتى الآن، خصوصاً أن التكريم أعلنت عنه ميشيل أوباما على الهواء من البيت الأبيض مباشرة. صحيح أنني لم أخرج الفيلم أو أشارك فيه كممثل لكنني ساهمت في إنتاجه وبالتالي أتحمل مسؤولية وجوده إلى حد ما، وهذا أمر يكفي لسعادتي. أنت في الأفلام التي تنت جها أو تخرجها تتعمد فضح خبايا السلطة الأميركية من خلال قصص خيالية أو مستمدة من الحقيقة التاريخية وفق الحال، فما حكايتك مع سياسة بلدك؟ - أنا مواطن أميركي وأنتمي بالتالي إلى دولة تمارس الديموقراطية، الأمر الذي يسمح مبدئياً لكل فرد بالإدلاء برأيه في كل صغيرة وكبيرة من دون خوف أو تردد من أي نوع. وأعرف أن السلطة، حتى في البلاد الديموقراطية، لا سيما في الولاياتالمتحدة، تخضع لطرق وأساليب ملتوية وأن الألعاب التي يمارسها أصحابها حفاظاً عليها، غير نظيفة إطلاقاً. الأمر يختلف بعض الشيء من حكم إلى آخر، وكل ما حدث في عهد جورج دبليو بوش هو، في نظري، وصمة عار فوق جبهة بلادي ويستحق الفضح في وسائل الإعلام وفي السينما. تستخدم كلمة «مبدئياً» في شأن الحقوق التي تمنحها الديموقراطية للمواطن، لماذا؟ - لأن الوضع هكذا، وليس هناك ما هو مثالي مئة في المئة أين ما وجدنا، فللديموقراطية ثغرات، مثل غيرها من الأنظمة والقوانين في العالم. أحلم بوجود شخص بريء يستطيع ممارسة السلطة كما يتمنى من دون أن يسقط في الفخ أو يذهب ضحية محيطه. لكنني أخشى أن يظل حلمي حلماً ولا يتحول حقيقة، ومع ذلك أحاول ألا أفقد إيماني بعالم أفضل من ذلك الذي نعيش فيه. احتل الساحة الفارق شاسع بين الأفلام التي تظهر فيها كممثل فقط وتلك التي تخرجها وتمثل فيها، وأقصد في ما يخص حبكتها، لماذا؟ - إنني كممثل أتسلم سيناريوات وعروضاً أختار الأفضل بينها أو على الأقل تلك التي تمسني في شكل أو في آخر. وعندما أخرج فأنا موجود في مصدر المشروع منذ مرحلة كتابة السيناريو إلى أن ينتهي التصوير ثم التركيب. وفي هذه الحال أروي القصة التي أرغب شخصياً في إيصالها إلى الجمهور وليس القصة التي ألفها غيري. أنا كممثل عبارة عن همزة وصل بين مؤلف ومخرج ما والمتفرج، لكنني ككاتب سيناريو ومخرج أحتل الساحة من الألف إلى الياء. فلا علاقة بين الحالين، الأمر الذي يفسر الفوارق التي تسألني عنها. ماذا تفضل: التأليف والإخراج أم التمثيل فقط؟ - التمثيل وحده عبارة عن راحة بالمقارنة مع حمل عبء أي فيلم من أوله إلى آخره، وهو ما يحدث عندما أكتب سيناريو وأخرج الفيلم فيما بعد. غير أنني أستفيد من الأموال التي أكسبها كنجم سينمائي عندما أمثل من أجل ضخها في ما بعد في الأعمال التي أخرجها وبالتالي المساهمة في إنتاجها أيضاً. وإذا رغبت في الرد على سؤالك بصراحة تامة ومن دون أخذ أي شيء في الاعتبار سوى مزاجي الشخصي، أقول إنني أفضل الإخراج على التمثيل. لماذا تمثل إذاً في الأفلام التي تخرجها؟ - لأن اسمي كممثل يجلب الجماهير العريضة، فأنا أستفيد من نفسي على هذا الصعيد. وفي بعض أفلامي لا أظهر إلا في مشاهد قليلة، ويحدث أنني لا أمثل في أفلام من إنتاجي، مثلما هي الحال في «أرغو». الثقة متوافرة هل من السهل عليك الإشراف على التصوير في الوقت نفسه الذي توجد فيه أمام الكاميرا؟ - يتطلب الأمر تحضيراً دقيقاً قبل البدء بالتصوير، وهذا ما أفعله مع العاملين معي. وطالما أننا أنجزنا هذه المرحلة وأن الثقة بيننا متوافرة، فلا يوجد ما يعرقل حسن سير التصوير، حتى إذا كنت أنا أمام الكاميرا بدلاً من أن أجلس وراءها. أنت معروف بأعمالك الخيرية وبحصولك على لقب سفير للسلام لدى منظمة الأممالمتحدة، فما الذي يدفع بك هكذا إلى تسخير اسمك في خدمة قضايا إنسانية مختلفة؟ - إنني أسخر نجوميتي في خدمة أكثر من قضية إنسانية فعلاً، إيماناً مني بأن الشخص المشهور يستطيع لفت الانتباه إلى قضية محددة أكثر من غيره، لمجرد أن الجماهير العريضة تهتم بما يفعله ويقوله. والإعلام سينقل كلامي كنجم أكثر ألف مرة مما سيفعله إذا أدلى غيري بالتصريحات نفسها، لكن من دون أن يعرفه الناس. أنا أعتبر أن الفنان المعروف الذي يكسب المبالغ الطائلة لا بد له من لعب دوره في المجتمع وليس فقط من طريق تسلية العامة. إن النجومية نعمة كبيرة ولا بد في رأيي من دفع ثمنها في شكل أو في آخر. أنت سفير علامة معروفة تصنع القهوة، فما الذي دفع بك أصلاً إلى قبول هذا الدور؟ - أولاً، كون العلامة بالتحديد جيدة في الحقيقة، وبالتالي ليس هناك ما يعيب العمل من أجلها، ثم الربح المادي الوفير الناتج من هذه العملية والذي أسخره في إنتاج أفلامي الشخصية. وذلك غير كون مخرج الأفلام الدعائية الخاصة بهذه العلامة والتي أظهر فيها، هو صديقي روبرت رودريغيز الذي اختارني للتمثيل في فيلمه «من الغروب حتى الفجر» عندما كنت شاباً مجهولاً في هوليوود. ما هو رد فعلك على المقارنة الجارية بينك وبين نجوم هوليوود في عصرها الذهبي، مثل غاري كوبر وكاري غرانت وغيرهما؟ - أرحب بالمجاملة طبعاً لأن هؤلاء دخلوا تاريخ السينما العالمية من أوسع أبوابه، لكنني أصر على الاحتفاظ بهويتي الشخصية التي لا علاقة لها بأي فنان أو شخص آخر.