أثار حصول «آرغو» على جائزة أفضل فيلم أميركي في الأوسكار ردود فعل مستنكرة في إيران، واعتبر الإيرانيون إعلان ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأميركي عن هذا الفوز بنفسها انطلاقاً من البيت الأبيض، دليلاً واضحاً على «تسييس» هذه الجائزة. الفيلم الذي أخرجه بن أفليك وأنتجه جورج كلوني، يسرد واقعة العملية السرية التي قامت بها السي آي أي قبل عقود لإنقاذ ستة من الديبلوماسيين الأميركيين أثناء أزمة الرهائن الأميركيين في طهران عام 1979 ويستمد أحداثه من كتاب لأنطونيو منديز العنصر السابق في الهيئة. نحن في إيران إبان الثورة. بعد استقبال نيويورك للشاه المخلوع رضا بهلوي، هاجم متظاهرون غاضبون السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا 52 من العاملين فيها كرهائن. تمكن ستة من الأميركيين من الفرار واللجوء إلى مقر السفير الكندي. اقترح منديز حينها خطة لإنقاذهم من «موت محتم» في حال اكتشاف أمرهم. تقوم الخطة على دمج الأميركيين الستة ضمن فريق سينمائي كندي يدخل إيران لمعاينة مواقع لتصوير فيلم يدعى «آرغو». تنجح الخطة وبعد زمن طويل ينجح الفيلم القائم على أحداثها في نيل الجوائز والاستحسانات ولا سيما «أفضل فيلم». «أفضل فيلم»! لعل في الأمر الكثير من المبالغة، فالفيلم لا يتعدى كونه فيلماً أميركياً: مثيراً، جيد الحبكة و...تبسيطياً. متابعته ممتعة ولكن لا يبقى من أثره شيء بعد مشاهدته سوى موقف الأميركي «البطل»، والشخصيات الإيرانية التي رسمت بخطوط عريضة وجاءت طبيعة الحدث لتظهرها في معظمها سلبية، حمقاء أو عدوانية. فيلم «مناهض لإيران» الفيلم الذي صوّر في إسطنبول لاستحالة تصويره في طهران، لم يرق للبعض من العاملين في المجال الثقافي والسينمائي في إيران. وتوالت ردود الفعل عليه كفيلم «مناهض لإيران» آخذين عليه كذلك «ضعفه «التقني والمهني». وكان أولهم وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني محمد حسيني الذي صرح في مؤتمر صحافي، بحسب جريدة «تهران- تايمز»، بأن «قرار الأكاديمية بإعطاء «آرغو» جائزة أفضل فيلم كان «فعلاً سياسياً يفسد الجانب المهني للأكاديمية»، وأرجع الوزير هذا الاختيار إلى «رغبة الأكاديمية بالرد على مقاطعة إيران لجوائز الأوسكار هذا العام» قائلاً: «كانوا غاضبين لأن إيران قاطعت الأوسكار هذا العام بسبب الفيلم الذي أهان النبي (ص)». ورأى أن «آرغو» أعطى «صورة غير دقيقة عن الشعب الإيراني». وكان مدير الشؤون الخارجية في مؤسسة الفارابي للسينما انتقد في تصريح لوكالة فارس «الجانب السياسي» لجائزة هذا العام معتبراً أن إعلان ميشيل أوباما عنها يبين أنها «جائزة سياسية تماماً»، وأشار إلى أن آرغو» خال من القيمة الفنية» ويعاني من «نقاط ضعف عدة لاحظها النقاد». واعتبر أن إعطاء هذه الجائزة قد أزعج معظم الإيرانيين في إيران والخارج لأن الفيلم «ضد إيران». ونفى في الوقت نفسه، أن يكون إعطاء الجائزة في العام الماضي للفيلم الإيراني «انفصال نادر» لأصغر فرهادي كأفضل فيلم أجنبي في الأوسكار سياسياً لأن فيلم فرهادي «أثبت قيمته الفنية العالية سواء في المهرجانات أو في إقبال الناس عليه» بحسب تعبيره. من ناحيته ذكر موقع» أي- فيلم» أن المخرج السينمائي جمال شورجه صرّح بأن أعضاء أكاديمية الأوسكار منحوا جائزتهم لفيلم «آرغو» متأثرين بالأوضاع السياسية في العالم. وأكد أن جائزة هذا العام التي شاركت في تقديمها السيدة الأولى في أميركا ميشل أوباما، «قد ضربت كل شعارات الديموقراطية الأميركية الزائفة عرض الحائط إذ أن الجائزة ذهبت إلى فيلم هوليودي من الدرجة الثانية». وذكر أنه سبق وحذّر من تسييس الجوائز في مهرجاني «برلين» و«كان» الدوليين إذ إن الصهاينة «يقصدون تحقيق أغراضهم السياسية من خلال هذه المهرجانات». ردّ منتظر كما وصف الممثل الإيراني أمين زندكاني منح جائزة الأوسكار لفيلم «آرغو» المناهض لإيران بأنه عمل مسيس. وقال في تصريح نشره الموقع «إضافة إلى ضعف سيناريو الفيلم فإن منح الأوسكار له من دون الأخذ في الاعتبار المعايير الجمالية، يدلّ على أن عملية منح جائزة الأوسكار تعد أمراً مسيساً». وبحسب الموقع نفسه فإن إيران تعتزم الرد على فيلم «آرغو» من خلال إنتاج فيلمها «الذي ستخصص له موازنة كبيرة، والذي يحمل عنوان «القيادة المشتركة» حول أحداث 1979 – 1980، و «العملية السرية التي أدت إلى هروب ستة من الديبلوماسيين الأميركيين». أما المخرج الإيراني»أصغر فرهادي» الفائز بجائزة الأوسكار العام الفائت والذي لم يحضر مراسم توزيع الجوائز لهذا العام بسبب مقاطعة إيران الرسمية لها، فرأى أن قيمة الفيلم الفنية «متوسطة». وقال في تصريح نشرته وكالة فارس للأنباء بأن «الفيلم سينسى ولكن الصورة السيئة عن الإيرانيين هي ما سيبقى في ذاكرة الناس» وهو أمر يدعو للمرارة والأسف وفق قوله.