لعل العام الماضي يعد أكثر الأعوام ابتساماً للمرأة السعودية على مستوى حضورها المحلي والإقليمي وحتى العالمي، ولعل دخولها في المعترك السياسي والتمثيلي في العام نفسه شكل منعطفاً مهماً في مسيرتها. ويعد جلوس نحو 30 امرأة تحت قبة مجلس الشورى بعد أن كان المجلس حكراً على الرجال منذ تأسيسه ومراحل تطوره، من أكبر الإنجازات التي تخطتها المرأة السعودية، فيما يرى كثيرون أن إعلان دخول المرأة إلى عضوية مجلس الشورى يعد خطوة تاريخية، إذ لم تحظَ المرأة في السعودية طيلة تاريخ الدولة السعودية الحديثة بأي مناصب قيادية، بيد أن الدكتورة نورة الفايز كسرت النمط التاريخي بعد تعيينها بأمر ملكي نائبة لوزير التربية والتعليم لتعليم البنات في عام 2009. ولم تغب المرأة السعودية في المحافل الدولية كعنصر مهم في خريطة الإنجاز الإبداعي سواء على الجانب العلمي أم الثقافي حول العالم، إذ اختيرت عضو مجلس الشورى الحالي الدكتورة حياة سندي سفيرة للنوايا الحسنة من جانب منظمة اليونسكو تقديراً لجهودها العلمية وابتكارها في مجال خدمة الإنسانية، كما انتخبت استشارية جراحة قلب الأطفال الدكتورة هويدا القثامي في قائمة ال50 شخصية مشهورة على مستوى العالم، ونالت الدكتورة سمر السقاف شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة ساينت جوزيف في أميركا في ولاية كونيتكت تقديراً لدورها في خدمة تعليم المرأة في ال30 عاماً الماضية. وعلى الصعيد الفني، حضرت المرأة السعودية في الجانب الإخراجي العام الماضي أكثر من غيره، ويتبادر للسعوديين فيلم «وجدة» للمخرجة هيفاء المنصور الذي حجز مكاناً له في مهرجان فينيسيا وكون له حضوراً مهماً كبلد منتج للمرة الأولى في تاريخه، إضافة إلى حضورها في مجال الابتكارات والاختراعات بعد تسجيل نسوة سعوديات حضوراً لافتاً في المحافل البحثية على مستوى العالم بعدد من الأسماء الشابة. ويرى كثير من المهتمين بقضايا وحقوق المرأة السعودية أن النساء في دولة البترول الكبرى لا يزلن يحتجن إلى كثير من الفرص، وسط مطالبات حقوقية يومية تملأ الإعلام بشقيه التقليدي والحديث، إذ إن المرأة السعودية لا تتنقل إلى خارج البلدان إلا بموافقة من ولي أمرها رغم تقلدها مناصب كبيرة بلغت «مرتبة وزيرة»، إضافة إلى أن كثيراً منهن يشتكين من عدم تمكنهن من شغل بعض الوظائف رغم عدم وجود قانون يمنعهن من ذلك كوظيفة المحاماة لخريجات القانون بعد أن يسمح لهن بدراسة الحقوق في الجامعات السعودية، وعدم تمكنهن من القيادة رغم السماح لهن بتملك السيارة. وتبقى المرأة السعودية أمام تحدٍ كبير يحدها من مواصلة إنجازاتها التي سبقت كثيراً من الرجال في بعض المجالات، وبين المحافظة على وتيرة سير مطالباتها أو حتى تطويرها نحو التحقيق، بيد أن المرأة تشكل محور خلاف كبيراً في المجتمع السعودي على النطاق الشرعي والاجتماعي وحتى التشريعي.