يبدو الاعلان الخاص بمسلسل «باب الحارة» وكأنه بعناصره التمثيلية على وشك الاصطدام بالمسلسل الآخر «الشام العدية» بالفعل كما أشارت تقارير صحافية من قبل. فما يرشح من مادته الدرامية التي دأبت الشركة المنتجة على الترويج لها تعطيه الإذن بتأكيد مثل هذا الاصطدام التنافسي، بخاصة أن مؤلفه مروان قاووق مطلع على أدق التفاصيل في المسلسلين، فقد كتب بعض أجزاء المسلسل الأول قبل أن ترفع يده عنه نهائياً بموجب أمر قضائي، مع الأخذ في الاعتبار أن بطله هو العقيد المتقاعد «أبو شهاب»، الذي ينتحل في «الشام العدية» دور الثائر «أبو حجاز» الذي يظهر في اعلان مماثل ملوحاً ب«الشنتيانة» (نصل فولاذي يمكن ربطه على الخصر) مهدداً ومتوعداً ومؤكداً أن اللبيب من الاشارة يفهم، باعتباره ماهراً في استخدامها. وكأنه يسعى بالفعل للتشديد على حسن زعامته في «باب الحارة» الذي أقصي منه لخلافات مع المخرج بسام الملا في وقت سابق. في المقابل لا نعرف أشياء كثيرة عن القيم النبيلة والسامية التي أكدها بيان الشركة المنتجة ل «الشام العدية» عندما قررت في خطوة مفاجئة قبل بعض الوقت اعتماد المخرج اياد نحاس رسمياً لإخراج المسلسل بعد أن تناوب عليه ثلاثة مخرجين سوريين هم: سامر برقاوي وفواز كيلارجي ووائل أبو شعر، من دون أن تفصح عن الأسباب التي حدت بها لفعل ذلك، وإن كانت الخطوة تعكس تخبطاً في سير خط الانتاج الخاص بها، بخاصة أن كل المؤشرات كانت تدفع باتجاه أن العمل جاء ليقف وليتنافس مع «باب الحارة» أولاً وأخيراً. وربما لإعطاء صورة مختلفة عن مكونات الحارة الدمشقية التي ظلمها بسام الملا بحسب كثر، بالاعتماد على لحظة الصدام مع الفرنسيين، وهي اللحظة التي لم تغب أيضاً عن «باب الحارة» الجديد. ففي الخلطة الشامية المعتمدة في الجزء الرابع ثمة تشديد من الملا على «تلاحم فئات أهل الحارة من مختلف الطوائف في وجه الغاصب الفرنسي، فهذه أم جوزيف على سن ورمح (منى واصف) تظهر في الاعلان الذي يسبق بث المسلسل بقليل متحدية الفرنسيين أيضاً على طريقتها». أياً تكن الأسباب التي رسمت مآل المسلسلين بهذه الطريقة الفجة والسمجة، فإن من الواضح أن مسلسل «الشام العدية» سيحاول من جهته الامساك بقصب السبق في «التعاطي الواقعي» مع شؤون الحارة الدمشقية، في الوقت الذي سيعدم فيه الفرنسيون «15 ثائراً من حارة الضبع»، الحارة التي لم توجد يوماً إلا في خيال المخرج بسام الملا. ففي الاعلان الخاص ب «الباب» ثمة صوت هادر يعلّق من خلف الكادر بمثل دمشقي عتيق بقوله: «وإن ما كبرت ما بتصغر». هذا قول مأثور بالتأكيد، يكشف عن حالة ورم ستتوج من دون شك باصطدام بين حالتين متضخمتين لأسباب شتى، وستؤدي إلى حالات متناهية في الصغر، فهذا ما يؤكده الصوت، وما يؤكده بالتالي المسلسلان في لحظة انتشاء وهمية لا يكفي معها وضوح صورة الأعداء فيهما، اذا لم تكن صورتنا نحن أوضح وأنقى... درامياً على الأقل.