خفت حدة المواجهات بين قوات الشرطة وبين المتظاهرين في محيط ميدان التحرير ومدينتي بورسعيد والمنصورة، بينما تصاعدت حركة التذمر في صفوف قوات الشرطة، وخصوصاً تشكيلات الأمن المركزي المكلفة التصدي للمتظاهرين. وتراوحت مطالب المحتجين في قوات الشرطة بين إيجاد حلول سياسية للاضطرابات التي تعم البلاد وعدم الاعتماد على النهج الأمني لتجاوزها، وأيضاً تسليح ضباط الشرطة بما يمكنهم من التصدي للمتظاهرين والخارجين على القانون. وكانت معسكرات للأمن المركزي في محافظة الدقهلية التي شهدت مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين استمرت أياماً، كما في محافظة الإسماعيلية، عبرت عن تذمرها من أوامر قيادتها بالمشاركة في فض التظاهرات في مدينتي المنصورة وبورسعيد. وساد احتقان صفوف الشرطة بعد الحكم بسجن ضابط 3 سنوات لإدانته بتعمد إصابة المتظاهرين في أحداث محمد محمود التي اندلعت في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2011 وسقط فيها أكثر من 40 قتيلاً ومئات المصابين في مصادمات بين الشرطة والمتظاهرين، فضلاً عن حبس جندي في قوات الأمن المركزي في المنصورة دهس متظاهراً بمدرعته فأرداه قتيلاً. وتجمَّعت مئات من ضباط وجنود الشرطة أمس أمام مقر مدينة الانتاج الإعلامي في مدينة السادس من أكتوبر للمطالبة بإقالة وزير الداخلية واحتجاجاً على سياسات الوزارة بخصوص دفعهم لمواجهة المتظاهرين. ورفع الضباط لافتات كُتب عليها: «لا نريد الدخول في مواجهة مع الشعب». وناشد الضباط وسائل الإعلام مساندتهم وإيصال رسالتهم لرئيس الجمهورية. وأغلق ضباط وأمناء قسمَ شرطة قصر النيل في وسط القاهرة، وامتنعوا عن العمل، مطالبين بإقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وتسليحهم بشكل كاف للتصدي للخارجين عن القانون. وانسحبت تشكيلات الأمن المركزي المكلفة تأمين منزل الرئيس محمد مرسي في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وانضم ضباطها وأفرادها إلى الاعتصام داخل استاد الشرقية الرياضي المواجه لمنزل الرئيس للمطالبة بتوفير حماية قانونية لهم وعدم الزج بجهاز الشرطة فى أزمات سياسية تضعهم فى مواجهات مباشرة مع الشعب. وأكد الضباط والجنود أنهم لن يشاركوا فى حماية أي مقرات أو منشآت ذات طابع سياسي، إلا إذا تم تسليحهم ومنحهم ضمانات قانونية تتيح لهم الدفاع عن أنفسهم وعدم تعرضهم للمحاكمات الجنائية إذا ما تم الاعتداء عليهم وتصدوا للمتظاهرين. وتظاهر العشرات من ضباط الشرطة وأفرادها أمام مديرية أمن الغربية في مدينة طنطا مطالبين بإقالة وزير الداخلية، مهددين بتصعيد احتجاجهم إلى حد الامتناع عن تأمين المنشآت العامة عدا منشآت الشرطة. وساد التذمر قطاع الأمن المركزي في محافظة شمال سيناء تضامناً مع زملائهم في محافظات الدقهليةوالإسماعيليةوالشرقية، وأعلن الضباط والأفراد إضرابهم عن العمل وانسحب بعضهم بالفعل من مواقع الخدمات الأمنية القائمة. وأعلن أمناء وأفراد الشرطة في مركز شرطة جهينة بمحافظة سوهاج (جنوب مصر) إضرابهم عن العمل وانضمامهم إلى زملائهم المضربين بمركز شرطة طما وقسمي شرطة مدينة طهطا وأول مدينة سوهاج، للمطالبة باستبعاد قيادات في المديرية قالوا إنها «ضعيفة ومتخاذلة في استعادة هيبة الشرطة في الشارع». ونظم العشرات من أمناء وأفراد الشرطة في المنيا (جنوب مصر) وقفة احتجاجية أمام مديرية الأمن للتضامن مع زملائهم في بقية المحافظات. وقطع المحتجون طريق كورنيش النيل أمام مبنى المديرية، مطالبين بعدم تسييس الوزارة وتسليح الأفراد بالسلاح الشخصي، نظراً لأعمال البلطجة التي يتعرضون لها أثناء تأديتهم عملهم. وكان مرسي اجتمع أول من أمس مع وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وعدد من مساعديه لاستعراض الوضع الأمني في مناطق المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، وكيفية التصدي لحركة التذمر المتصاعدة في قطاعات الشرطة. وأكدت وزارة الداخلية التزامها بواجباتها في الحفاظ على النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات وكفالة الطمأنينة للمواطنين. وشددت في بيان على أن جهاز الشرطة يقف على مسافة واحدة من جميع التيارات والقوى السياسية، ولا ينحاز لأي فصيل منها ولا يتعرض لأي فاعليات تلتزم بإطار السلمية وتجنب أعمال العنف. ميدانياً، خفت حدة المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في بورسعيد والمنصورة ومحيط ميدان التحرير صباح أمس، بعدما استمرت طوال ليل أول من أمس. وأعلنت وزارة الصحة إصابة أكثر من 220 شخصاً في هذه المواجهات التي تواصلت بشكل متقطع صباحا أمام مديرية أمن بورسعيد والدقهلية وعلى كورنيش النيل قرب ميدان التحرير في القاهرة. وتمكنت القوات المسلحة في بورسعيد من فرض طوق أمني حول مديرية الأمن ما خفف من حدة الاشتباكات، فيما تجددت الاشتباكات في محيط الميدان مع حلول مساء الأربعاء. وساد أمس الهدوء في محيط قسم ثاني المحلة في محافظة الغربية (في الدلتا) وميدان الشون وشارع البحر في المدينة، بعد ليلة من الاشتباكات الدامية بين المتظاهرين وقوات الأمن استمرت حتي الفجر، في أعقاب دفن أربعة أشخاص من أسرة واحدة قتلتهم الشرطة بالرصاص عن طريق الخطأ خلال مطاردة الأمن لمسجل خطر. وكان متظاهرون حاولوا اقتحام قسم الشرطة ورشقوه بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وقطعوا طريقاً رئيسياً، فيما أطلقت قوات الأمن على المتظاهرين قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وتحسباً لاندلاع أعمال عنف في أعقاب حكم محكمة جنايات بورسعيد غداً في قضية «مذبحة بورسعيد»، قررت شركات هيئة قناة السويس منح العاملين فيها أجازة بأجر غداً وقررت جمعية المستثمرين في بورسعيد إغلاق جميع المصانع في ذلك اليوم. وكانت المحكمة قررت إحالة أوراق 21 متهماً للمفتي تمهيداً لإعدامهم لإدانتهم بالتورط في قتل العشرات خلال المواجهات التي شهدها ملعب بورسعيد بين جمهوري فريقي «الأهلي» و «المصري» لكرة القدم في شباط (فبراير) العام 2012. وحذرت «جبهة الإنقاذ» المعارضة من تداعيات استمرار العنف على مستقبل مصر، منبهة إلى أخطار الاعتماد على الحلول الأمنية في مواجهة المشاكل التي تستدعي حلولاً سياسية واقتصادية في المقام الأول. ودعت الجبهة في بيان أمس، إلى الوقف الفوري لاستخدام أي شكل من أشكال العنف في مواجهة أهالي بورسعيد، وعدم الاكتفاء بتغيير بعض مسؤولي الأمن عوضاً عن محاسبة المسؤولين عن تنفيذ هذه الجريمة. وكان وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أطاح بمدير أمن بورسعيد اللواء محسن راضي، وكلف مساعده اللواء السيد جاد القيام بمهامه. من جهة أخرى، أعلن المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة المستشار مصطفى دويدار أن قراراً صدر بضبط وإحضار 5 من الأعضاء المؤسسين لحركة «بلاك بلوك»، التي يتصدر أفرادها صفوف المتظاهرين في المواجهات مع الشرطة. وأشار المستشار دويدار إلى أن قرار النيابة جاء في ضوء تقارير تسلمتها من مصلحة الأمن العام وإدارة المعلومات والتوثيق في وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات العامة.