يتبع الرئيس الاميركي باراك اوباما نهجاً جديداً سعياً الى "حل سلسلة الازمات السياسية المتواصلة في واشنطن"، عبر التحاور مع الجمهوريين. فمنذ اعادة انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر استفاد اوباما من رصيده السياسي لتوجيه اللوم الى خصومه من خلال عقد سلسلة لقاءات شعبية في ارجاء البلاد اتهم فيها الجمهوريين بعرقلة التشريع وخدمة مصالح الاثرياء. ونجحت استراتيجيته الى حد معين في ضمان زيادة الضرائب على الاثرياء بعد احرازه نصراً سياسياً في كانون الاول/ديسمبر، بعد المواجهة بخصوص الهاوية المالية. لكن مع فتور الحماس، الذي اثارته اعادة انتخابه بدا اوباما ضعيفاً في النزاع حول الحجز المالي في الاسبوع الفائت مع رفض الجمهوريين الاذعان لزيادة الضرائب، ما ادى الى سريان اقتطاعات تلقائية من النفقات الفدرالية بقيمة 85 مليار دولار. وادى عامان من الدراما المتواصلة بخصوص الميزانية بين اوباما وخصومه في الكابيتول الى تسميم الساحة السياسية لكنها لم تعالج ازمة الدين التي تهدد ازدهار الولاياتالمتحدة في المستقبل. وحاليا، يبدو اوباما والجمهوريون المحافظون على طرفي نقيض ايديولوجي يبدو التقريب بينهما مستحيلا. ونظرا الى ان جدول اعمال ولاية اوباما الثانية الطموح يتطلب لتنفيذه موافقة كونغرس منقسم بات العبء الان على كاهل الرئيس كي يخط طريقا للعمل. بالتالي انطلق اوباما الذي يكره سياسة التربيت على الكتف في حملة لجذب الجمهوريين حيث دعا حوالى 12 سيناتورا جمهوريا مساء الاربعاء للعشاء على حسابه الخاص. وتقاسم اوباما الطعام في فندق فخم مع سيناتورات على غرار جون ماكين وليندسي غراهام وغيرهما من الخصوم البارزين، الذين اعربوا كذلك عن ا"لاستياء من الجمود في واشنطن حيث يتعذر انجاز اي شيء". في الاسبوع المقبل يقوم الرئيس الاميركي بخطوة نادرة في اراضي الخصم في الكابيتول متحدثاً الى الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب. ويبدو انه تخلى عن لعبة الحملة العامة لتأليب الرأي العام على الجمهوريين، وبدأ عوضاً عن ذلك بجس النبض حول امكانات الاتفاق على المسائل الرئيسية. ويحاول اوباما جذب الشيوخ الجمهوريين الذين قد يكونون مستعدين للاتفاق على ملفات على غرار الدين الوطني والعجز وتضاعف التكاليف التي تهدد برامج على غرار التغطية الصحية للمسنين. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان "الرئيس يسعى لجذب اعضاء عقلانين". وافاد مقرب من اوباما ان "البيت الابيض يرى نافذة مفتوحة للعمل بعد ازمتي الحجز المالي والهاوية المالية نظرا الى ان واشنطن لا تواجه حاليا خطر ازمة وشيكة". كما يرى مساعدو اوباما ان "عدداً من جمهوريي مجلس الشيوخ قد يكون مستعدا للتسوية، وهي فكرة عززها تصريح غراهام مؤخرا انه مستعد لجمع 600 مليار اضافية من العائدات مقابل اصلاح برامج الامتيازات الاجتماعية". هذه ليست المرة الاولى التي يحاول فيها اوباما محاورة الجمهوريين، حيث سعى بلا جدوى لابرام تسوية كبرى مع رئيس مجلس النواب جون باينر ترمي الى تقليص العجو ب4 تريليون دولار في ولايته الاولى. ويؤكد اوباما ان "هذا العرض ما زال مطروحاً، لكن علاقته بباينر متازمة، فيما يبدو ان مستوى الثقة بينهما لا يكفي لابرام اتفاق". ورحب الجمهوريون بتغيير اوباما نبرته بعد ان اتهموه مطولا بمحاولة تخويفهم. وقال غراهام الذي التقى اوباما الى جانب ماكين في البيت الابيض مؤخرا "لا ادري الى اين سينتهي ذلك...اؤمن بما يفعله الرئيس مؤخراً. العودة الى الطريقة المعتادة للعمل هنا، اي التحاور". وشاطرته السيناتورة الجمهورية المعتدلة سوزان كولنز الراي. وقالت "المهم ان الرئيس يبدو للمرة الاولى منذ فترة طويلة جداً، انه يسعى الى محاورة الجمهوريين والديموقراطيين معا، ولو متأخراً".