يعتبر دخول 30 امرأة إلى مجلس الشورى من أهم المكتسبات التي تحققت للمرأة السعودية خلال عام 2012، حيث مكن المرأة من المشاركة في الحياة السياسية بما هو متاح، معتبرها شريكة للرجل. كما يعتبر تطبيق القرار (120) القاضي بتوسيع مجالات عمل المرأة، وخصوصاً بيع المستلزمات النسائية، الذي مكن آلاف النساء البسيطات والمحتاجات أو الراغبات من العمل الشريف، من أكبر المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية، فبتنا نرى المرأة في المحال النسائية، والمتنزهات العائلية، والمطاعم، والمصانع، وغيرها من المجالات. وعندما تحتفل النساء في العالم بيوم المرأة الذي سيصادف بعد غد الثامن من آذار (مارس)، لا بد من اعتبار دخول السعودية إلى الشورى، وفتح مجالات أكبر لعملها من المكتسبات التي مكنتها من المشاركة بشكل أوسع في الحياة العامة. فالمرأة في السعودية كغيرها من نساء العالم تسعى للحصول على حقوقها الإنسانية بشكل عام، وتمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وكما ننظر لما تحقق، ننظر أيضاً لأهم العقبات التي قد تتسبب في تعطيلها. فبعض الأنظمة المعمول بها، تحتاج إلى مراجعة، وتبقى قضية «الولاية» على المرأة الراشدة من أهم التحديات التي تواجهها، لأنها تمنح سلطة مطلقة «لولي الأمر» الذي قد يسيء استخدامها، فيسهم في رفع معدلات العنف، والمشكلات الأسرية التي بدورها تعوق مشاركتها الكاملة في تنمية مجتمعها. لو نظرنا إلى برنامج الابتعاث، نجد أن نسبة مشاركة المرأة فيه وصلت إلى 30 في المئة، ويمكن لهذه النسبة أن ترتفع لو رفعت القيود التي تحد من مشاركتها. فالفقرة الرابعة من المادة الخامسة في شروط الابتعاث تقضي بسفر المحرم وإقامته مع المبتعثة، وهو ما يعتبر تقيداً كبيراً للعديد من الراغبات للالتحاق بالبرنامج، وتعجيزياً لغيرهن. يحسب للنظام أنه يسمح بوجود «مرافق» تحتاجه اللواتي لا يتمكن من السفر بمفردهن، لكنه يكون عقبة أمام من لا تستطيع السفر مع المحرم، كما يَحرم الأم الفرصة من مرافقة ابنتها أو الأخت لشقيقتها، وقد يحرم الفتاة من فرصة في التعليم، ويعرضها للابتزاز والظلم من الولي الذي قد يستغل سلطته، أو يدفعها للتحايل على النظام بأي وسيلة قد تعرضها لمشكلات أكبر. كما يعتبر عدم الاعتراف بالهوية الوطنية للمرأة كوسيلة «وحيدة» للتعريف بها من العقبات. صحيح أن الهوية الوطنية للمرأة أصبحت ملزمة، إلا أن الكثيرات مازلن يعانين من عدم الاعتراف بها في بعض المحاكم ولدى بعض كتاب العدل كأداة رسمية لإثبات الشخصية، واعتبار المرأة صاحبة أهلية قانونية كاملة ومستقلة. كذلك لا تستطيع المرأة البالغة الراشدة الحاملة للهوية الوطنية استخراج جواز سفرها، إذ تشترط المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لنظام وثائق السفر حضور صاحب الطلب، و«ولي الأمر» للنساء والأبناء القصر، وتحدد المادة (19) منح الجواز بموجب الهوية، إلا أنها تشترط تسليم هذه الوثيقة «لولي أمر النساء»، ناهيك عن ربط السفر بتصريح مهما بلغت المرأة من العمر! ما زالت قضايا المرأة الأسرية بحاجة ملحة إلى نظام للأحوال الشخصية يضمن الحقوق ويحدد الواجبات، وينظم العلاقات والخلافات. فيحمي الصغيرة من المتاجرة بها وتزويجها، ويمكن الراشدة المعضولة من حقها في الزواج، وينظم الطلاق والحضانة والنفقة، ويحمي المعلقة والمهجورة والمغصوبة على الزواج، ويحسم الكثير من القضايا الأسرية. ويبقى ملف العنف الأسري، الذي يرتبط بغياب كل ما سبق، من أكثر الملفات التي تحتاج إلى حسم مع تزايد حالات العنف ضد النساء التي تعلن عنها الجمعيات والبرامج المعنية بها، وتتنافس الصحف المحلية على نشر قصصها، التي يؤكد المختصون أن ما خفي منها كان أعظم. فلا تزال المرأة تنتظر نظام «الحماية من الإيذاء» الذي يفترض أن يضم نظاماً للحماية من التحرش الجنسي ليوفرا لها الأمان داخل المنزل وخارجه. تمكين المرأة من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كشريكة ومواطنة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، التي كفلتها الشريعة، هو ما يحقق تنمية المجتمع والارتقاء به، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بحزمة مكملة من القرارات، التي تطالب بها الكثيرات من النساء الواعيات، كالتي بدأت من عقود بتعليم البنات وصولاً إلى تعيين النساء في مجلس الشورى. [email protected]