استمر القتال في مدينة الرقة، التي سقطت في أيدي المعارضة المسلحة الاثنين، واعتقلت المعارضة أرفع مسؤول حكومي فيها عندما أسر المقاتلون المحافظ حسن جليلي وأمين فرع حزب «البعث» الحاكم سليمان السليمان. ورد النظام بقصف مركز لقلب المدينة عبر سلسلة غارات جوية وبالصواريخ والمدفعية. ونشرت مواقع المعارضة فيلماً صور المحافظ جليلي والسليمان في محافظة الرقة وهما يجلسان الى جانب مقاتلين من الكتائب المقاتلة. وقال أحد المقاتلين للأسيرين الجالسين بصمت ان «ما نريده هو التخلص من النظام». وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» ان جليلي هو «أرفع مسؤول يتم أسره من قبل معارضي النظام»، مشيراً الى ان المدينة «عانت كثيراً من فساده». ويأتي اسر المحافظ غداة سيطرة المقاتلين بشكل شبه كامل على مدينة الرقة الواقعة في المحافظة التي يسيطرون على اجزاء واسعة من ريفها، «في أشرس محاولة اقتحام منذ اندلاع الازمة» ضد النظام. واوضح المرصد ان الاسر تم «إثر اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية وكتائب البعث وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام في محيط قصر المحافظ بمدينة الرقة»، والقريب من تمثال للرئيس الراحل حافظ الاسد اسقطه جمع من سكان المدينة الإثنين. كما اشار المرصد الى «مقتل ضابط كبير في الشرطة وأسر ضابط آخر كبير في أمن الدولة» خلال العملية. وما زالت القوات النظامية متواجدة في بعض اجزاء المدينة التي تشهد اشتباكات، والتي ارسلت اليها أمس تعزيزات عسكرية. وأغار الطيران الحربي أمس على «مبنيي الامن السياسي وامن الدولة في الرقة اللذين سيطر عليهما مقاتلون من جبهة النصرة وأحرار الشام وكتائب اخرى امس». وافاد التلفزيون الرسمي السوري في شريط اخباري عن «تدمير مجموعة من السيارات والآليات بعضها مزود برشاشات في الرقة بمن فيها من ارهابيي جبهة النصرة». واوردت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام ان الجيش النظامي والاجهزة الامنية يخوضون «معارك شرسة» في المدينة التي «توجه اليها آلاف المسلحين». واشارت الى ان الرقة «كانت من اكثر المدن هدوءاً وتعد ملجأ آمناً للعديد من السوريين الذين فروا من مدنهم وقراهم وسكنوا في ربوع درة الفرات»، لكنها باتت «مسرحاً لإرهاب أراد أن ينتقم من أهلها فغزاهم من عدة أطراف وسط معلومات عن معارك عنيفة». وتقع المدينة على نهر الفرات في شمال البلاد وعلى مقربة من الحدود التركية، وكانت تضم قرابة 240 الف نسمة، قبل ان يضاف اليهم نحو 800 الف نازح جراء النزاع المستمر. وقلل نشطاء سوريون من «الاهمية العسكرية» لسيطرة المعارضة على الرقة غير انهم اشاروا الى «البعد الرمزي» لها «ما يعطي زخماً» للثورة بعد نحو سنتين. وقال احد النشطاء ان العملية كانت «اسهل مما كان متوقعاً، ربما لانها لم تكن تعني الكثير بالنسبة الى النظام، كما تعني مدينتا حلب، في الشمال وحمص في الوسط»، الامر الذي فسر عدم وجود قوات عسكرية وحواجز امنية للنظام في المدينة. وكانت المعارضة سيطرت في الاسابيع الماضية على سد تشرين ومدينة الطبقة (او الثورة بحسب الاسم الجديد منذ بداية السبعينات) التابعة لمحافظة الرقة، قبل السيطرة على سد الفرات في المدينة، الذي شيد قبل نحو اربعة عقود، اضافة الى السيطرة على معبر تل ابيض على الحدود مع تركيا. واوضح احد الناشطين، وهو من اهالي الرقة، ان المعارضة «بعد السيطرة الكاملة على الريف، تقدمت الى المدينة، غير انها ذهلت بسرعة التقدم». واوضح النشطاء ان طائرات حربية قصفت محيط الساحة وان رتلاً من الدبابات توجه من حمص الى الرقة في مساع لاستعادة السيطرة عليها، في وقت كانت مقرات الامن السياسي والعسكري والدولة تتعرض للقصف. وسعت الحكومة الى استعادة السيطرة على قلب المدينة. في المقابل، حاول مقاتلون معارضون «عرقلة» تقدم القوات بين حمص والرقة، فيما واصلت كتائب «النصرة» و»احرار الشام» مساعيها للسيطرة على المطار العسكري في مدينة الطبقة والفرقة 17 التي كانت ارسلت الى شمال شرقي البلاد بعد تحرك الاكراد في اذار 2004. ولاحظ نشطاء حصول حركة نزوح قوية من مدينة الرقة الى الريف، علماً ان المدينة عرفت بأنها مدينة اللجوء. وفي وسط البلاد، تجددت الاشتباكات لليوم الثالث على التوالي بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية التي تحاول استعادة احياء يسيطر عليها المعارضون وسط مدينة حمص. وذكر المرصد ان «احياء الخالدية وحمص القديمة تتعرض لقصف عنيف من قبل القوات النظامية يرافقها اصوات انفجارات»، اضافة الى غارات بالطيران الحربي على الخالدية. واشار الى «اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام عند اطراف هذه الاحياء» في محاولة مستمرة لاقتحامها «منذ فجر يوم امس الاول». وقال ناشط في المدينة قدم نفسه باسم «ابو بلال» ل»فرانس برس» ان «القصف كان عنيفاً وعنيفاً جداً على كل المناطق المحاصرة بمدافع الفوزيدكا ومدافع الهاون»، مشيراً الى «تصاعد الدخان في كل مكان وتساقط الرصاص كالمطر» في الاحياء القديمة.