طغى توقيع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للاشتراك في الانتخابات النيابية المقررة في 9 حزيران (يونيو) المقبل على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس في بعبدا، في ضوء تهديد وزراء من «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» (8 آذار) بعدم إجراء الانتخابات على أساس قانون 1960 وبلهجة أقل حدة الوزير في حركة «أمل» علي حسن خليل باعتبار أن التوقيع من وجهة نظرهم يؤدي الى إحياء هذا القانون، في مقابل تأكيد الرئيسين أن توقيعيهما يأتي في سياق ممارستهما صلاحياتهما الدستورية وإلا يخضعان الى مساءلة تتعلق بمخالفتهما للدستور وعدم التقيد بنصوصه في شأن احترام المهل، لا سيما تلك المتعلقة بدعوة الهيئات الناخبة. ومع أن رئيسي الجمهورية والحكومة أكدا في ردهما على الوزراء المعترضين على توقيعيهما المرسوم القاضي بدعوة الهيئات الناخبة، ان قانون الستين مات موتاً سريرياً لكنه ساري المفعول الى أن يدفن «وعلينا احترام مواده كافة» ومنها دعوة الهيئات الناخبة على أساس القانون الساري على أن يعود للسلطة التشريعية إقرار القانون الذي تراه مناسباً، فإن وزيري «جبهة النضال الوطني» غازي العريضي ووائل أبو فاعور أدليا بمداخلتين انتقدا فيهما قول وزير الطاقة جبران باسيل إن قانون الستين غير ميثاقي وإن إعادة الاعتبار إليه تشكل سطواً على المقاعد النيابية، إضافة الى أنهما ذكّرا من انتقدوا هذا القانون بأنهم «انقلبوا عليه، بعدما كانوا من أوائل المرحبين فيه عندما كان توافق عليه في مؤتمر الدوحة». وزراء 8 آذار ينتقدون التوقيع وعلمت «الحياة» أن وزيري «حزب الله» حسين الحاج حسن ومحمد فنيش انتقدا بشدة التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس قانون الستين، وأكدا أن الانتخابات النيابية لن تجرى على أساسه، بينما عبر الوزير خليل عن موقفه بأقل حدة لافتاً الى «أننا لا نوافق على إجراء الانتخابات وفق هذا القانون». ونقلت مصادر وزارية عن الوزير خليل قوله إنه يتخوف من أن يكون التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بمثابة مؤشر على إجراء الانتخابات على أساس هذا القانون» الذي من شأنه أن يعقد الأمور ويدفع في اتجاه تأزيمها في وقت ما زلنا نعمل للتوصل الى تفاهم حول قانون مختلط يجمع بين النظامين النسبي والأكثري». وأضاف الوزير خليل، وفق المصادر نفسها: «كنا نتمنى على رئيس الحكومة أن يعبّر عن موقفه من مشروع اللقاء الأرثوذكسي بغير هذه الطريقة ويقول أنا لست موافقاً عليه بدلاً من تأكيده أنه لن يمر، خصوصاً أن الموقف الفصل فيه يعود للهيئة العامة في البرلمان». وأشارت المصادر الى أن باسيل تحدث بلهجة تجاوزت التحذير الى التهديد بعدم إجراء الانتخابات على أساس الستين ونقلت عنه قوله: «إذا كان الأرثوذكسي يفتقر الى الميثاقية فإن الستين لا يفتقر إليها بالمعنى الواسع للكلمة وإنما يشكل محاولة للسطو على المقاعد النيابية ومصادرة إرادة الناخبين». وكانت المفاجأة، وفق المصادر، قول ميقاتي في معرض رده على عدد من الوزراء: «أنا استندت في موقفي من المشروع الأرثوذكسي الى الحوار الذي دار بيني وبين الرئيس نبيه بري الذي أكد لي عندما سألته عن هذا المشروع بالذات، إنه لا يدعو الى عقد جلسة للبرلمان تخصص لمناقشته إذا ما غاب عنها مكونان أساسيان والمقصود بهما السنّة والدروز». وأضاف ميقاتي: «لا أحد يستطيع أن يقول إن الستين غير موجود طالما أننا لم نتوافق على قانون جديد، إضافة الى أن الحكومة أحالت مشروع القانون الذي ينص على اعتماد النظام النسبي». أما رئيس الجمهورية فشدد على رفضه أي حديث يحمل لغة التهديد وقال: «أنا ضد الستين وأيضاً ضد الأرثوذكسي، ومشروع الحكومة ما زال قائماً ونحن نتمسك به، لكن لا أحبذ مثل هذا الأسلوب في تناول الموضوع، ولا أرى أن هناك سطواً كما ورد على لسان البعض». وتابع سليمان: «لم أشعر من خلال وجودي في الدولة بحصول عملية سطو، يحق لهذا الفريق أن يوافق وللآخر أن يعارض وهذا من صلب اللعبة الديموقراطية». ورأى أن «من غير الجائز أن نصور المرحلة وكأنها كلها سطو بسطو... لكل منا موقفه من قانون الانتخاب لكن لا أوافق على أن يتهم فريق الآخر بالسطو لأنه يعارض مشروعه الانتخابي». وتحدث العريضي وقال: «لم أشعر في يوم من الأيام بأن هناك سطواً، وأنا أقدر الموقف الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية والذي اتسم بالشجاعة والصراحة. وهو من تحمل في السابق وما زال يتحمل الآن، وهناك من أساء استخدام السلطة وكان في موقع المسؤولية إبان حقبة سياسية معينة مع أنه ينتقدها الآن رغم أنه استفاد منها». وتوقف العريضي أمام «بعض الممارسات السياسية التي تحصل من حين لآخر»، وقال: «كنا وما زلنا نتحدث عنها، أما أن نختصر هذه المرحلة بالسطو، فهذا كلام غير مقبول وعلينا أن نتوجه من بعضنا بكلام واضح ونقول إن مشكلتنا الأساسية في هذا البلد إننا نرفض المصارحة وبالتالي فإن كل واحد باقٍ على مواقفه وهذا ما يلحق الضرر بالبلد ويعيد فتح الجروح، خصوصاً أننا مقبلون على انتخابات تحتم علينا عدم استغلال مشاعر الناس وإثارة عواطفهم». وأكد أن «هناك حاجة للتوجه بخطاب سياسي بعيداً من الاستغلال والإثارة»، وسأل: «لماذا توجيه الانتقادات الى الرئيس ميقاتي على كلامه الأخير مع اننا كنا سمعنا قبل أشهر كلاماً تهديدياً وتهويلياً بينما ما قاله دستورياً وقانونياً وهو يقول كلامه من موقع المسؤولية فهل خرّب الدنيا؟ وهل يحق لفريق أن يحتكر الكلام ويحدد المعايير ويمنع عن الآخر؟». وأكد أن ميقاتي وقع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس القانون النافذ وهو قانون يضره، وهل وقع على شيء يضره، بالتأكيد لا، لكنه وقعه لأن واجبه يلزمه التوقيع، إضافة الى أن رئيس الجمهورية يقف ضده وإنما وقع عليه احتراماً للدستور». وسأل العريضي: «لماذا يريد البعض أن يفتح معارك مجانية؟». وقال: «نحن من مؤيدي الستين ولا يستطيع هذا أو ذاك أن يقول إنه غير موجود ما لم يعدل في البرلمان وإلا نكون قفزنا فوق الدستور، بدلاً من أن نبحث عن قانون انتخاب آخر. كما أن تعطيل تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات يعني أن هناك من يحاول تعطيل العملية الانتخابية، خصوصاً أننا نسمع مثل هذا الكلام في الصالونات وفي الإعلام وفي المواقف السياسية». وأكد الوزير أبو فاعور عدم تمسكه بقانون الستين، وقال: «لا نعتبره القانون المثالي، وما يهمنا إجراء الانتخابات بدلاً من أن تؤجل بذريعة البحث عن قانون جديد... إن أحداً لا يملك الحق أن يقول هذا القانون مات ودفن ما لم يتقرر هذا في البرلمان». وانتقد أبو فاعور كلام باسيل عن السطو على المقاعد النيابية، وقال: «هل يعقل لفريق معين أن يتهم الآخر بالسطو على مقعده إذا لم يحالفه الحظ؟ وهل أن فريد مكاري وبطرس حرب وروبير غانم من النواب الذين سطوا على هذه المقاعد؟». وأضاف: «إذا صح مثل هذا الكلام عن السطو مع انه غير صحيح، فإنه يشكل جنحة بدلاً من الجريمة التي يلحقها الأرثوذكسي بالبلد إن لجهة ذبح الوحدة الوطنية أو لناحية إحداث فرز مذهبي مع إننا نتذكر من رفع شارة النصر في الدوحة عندما تم الاتفاق على الستين وقال إنه استعاد حقوق المسيحيين»، في إشارة الى العماد عون. وكان سليمان افتتح الجلسة، وفق وزير الإعلام وليد الداعوق، بالإشارة إلى أن «الانتخابات الفرعية البلدية والاختيارية التي جرت الأحد الماضي، تمت بشكل جيد وفي مناخ امني وتدابير شفافة». كما نوه بالقوى الأمنية «التي قامت بواجباتها بشكل جيد في اليوم الذي جرت تظاهرات واعتصامات متنقلة ذاته في صيدا، تنفيذاً للمهام الموكلة إليها من مجلس الوزراء، وكان المجلس الأعلى للدفاع وقف على حاجات الأجهزة الأمنية للقيام بمهامها المتنوعة، من حفظ الأمن ومكافحة الخطف واتخاذ التدابير على الحدود الجنوبية والحدود البرية وسائر المناطق كافة، ما أدى إلى نتيجة إيجابية فورية مع الأجهزة التي كانت تنسق بشكل جيد في ما بينها بتوجيهات وزيري الداخلية والدفاع». السلسلة في جلسة او اكثر وأضاف سليمان، وفق الداعوق، أنه في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، أكد أنه «قيد المعالجة المتأنية من قبل رئيس الحكومة مع أصحاب الشأن الاقتصادي، من وزير المال ووزير الاقتصاد وهيئة التنسيق والهيئات الاقتصادية لأجل الوصول إلى الحلول المناسبة»، وقال: «اعتباراً من 21 الجاري سنناقش هذه السلسلة في مجلس الوزراء في جلسة أو أكثر، تمهيداً لإحالتها على المجلس النيابي». وتمنى سليمان على «هيئة التنسيق النقابية أن تستكمل رفع الإضراب، لتسهيل مصالح المواطنين». وعن مسألة توقيع مرسوم الهيئات الناخبة، والذي كان موضع جدل داخل الجلسة، أوضح الداعوق في تصريح بعد الجلسة، أن «الأمر حصل نقاش في شأنه، وأكد وزير الداخلية أن الأمر دستوري وقانوني، وفي النتيجة هو ضروري وتترتب عليه مسؤوليات، لكن رئيس الجمهورية أكد، وكذلك رئيس الحكومة، أن قانون الستين مات موتاً سريرياً، وحتى يحين موعد دفنه بصورة نهائية يبقى القانونَ الساري المفعول، وفي النتيجة علينا احترام كل مواده، ولا سيما منها دعوة الهيئات الناخبة». وعن إمكان العودة إلى قانون الستين في حال لم يتم التوصل والتوافق على قانون انتخاب جديد، قال: «مبدئياً لا، وإن شاء الله لا نصل الى هذه النتيجة، ورئيسا الجمهورية والحكومة أكدا أن البحث يتم لإيجاد قانون انتخابي بديل، وخصوصاً أن الحكومة كانت قدمت مشروع قانون أحيل على المجلس النيابي، والنقاشات جارية، والجميع يساعد في هذا الموضوع لكن ما تم هو محض تقني ودستوري». ولفت إلى أن «رأي هيئة الاستشارات العليا في موضوع هيئة الإشراف على الانتخابات لم يصل بعد، ولم يتم تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، وما تم هو دعوة الهيئات الناخبة وفق القانون الساري المفعول راهناً». وسبق الجلسة خلوة بين سليمان وميقاتي.