اتسعت رقعة العنف في مصر لتطاول محافظات عدة إلى جانب ميدان التحرير في قلب القاهرة بعد اقتحامه من قبل قوات الأمن لفض الاعتصام المتواصل فيه منذ شهور، فيما اشتعلت المصادمات بين الشرطة ومتظاهرين في محافظة بورسعيد المطلة على قناة السويس بعد نقل وزارة الداخلية المتهمين في قضية «مذبحة بورسعيد» من سجن المدينة العمومي، واندلعت اشتباكات بين الشرطة ومحتجين في مدينة الإسماعيلية المجاورة، واستمرت المصادمات في مدينة المنصورة لليوم السابع على التوالي، وسقط عشرات المصابين فيها. وعادت بورسعيد أمس إلى دائرة العنف بعدما أعلنت وزارة الداخلية نقل سجن بورسعيد من موقعه، وترحيل 39 من المتهمين في أحداث مباراة ناديي الأهلي والمصري إلى سجن غير معلوم. وكانت محكمة أحالت أوراق 21 من المتهمين في القضية على المفتي لأخذ رأيه في إعدامهم، فيما ستنطق بحكمها السبت المقبل. وفور إعلان وزارة الداخلية نقل المتهمين، تجمع مئات من أهالي المتهمين أمام مبنى مديرية أمن بورسعيد ورشقوها بالحجارة وزجاجات حارقة، وأضرموا النيران في سيارة للشرطة التي ردت بإطلاق وابل من القنابل المسيلة للدموع على الجموع لتفريقها، وتحولت المنطقة المحيطة بمديرية الأمن إلى ساحة «حرب شوارع» سمتها الكر والفر، وحطم المتظاهرون واجهة المديرية ومحكمة بورسعيد الابتدائية ومدخلها الرئيس. وحاولت قوات الجيش التي تتولى حفظ الأمن في المدينة السيطرة على الجموع الغاضبة، ولكن من دون جدوى. ولاحقت مدرعات الشرطة المتظاهرين في الشوارع الجانبية بقنابل الغاز، وما أن تتمكن من تفريقهم، إلا ويتجمعون ثانية لتستمر الصدامات على مدار ساعات، وسط توقعات باشتداد حدة المواجهات ليلاً. وهددت رابطة مشجعي النادي الأهلي لكرة القدم «التراس أهلاوي» ب «نشر الفوضى» في حال عدم صدور أحكام مشددة السبت المقبل في قضية «مذبحة بورسعيد» التي راح ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً من مشجعي النادي. وبدأت رابطة الألتراس في التصعيد أمس بحصار البنك المركزي في قلب القاهرة ومنع موظفيه أو عملائه من الدخول أو الخروج لعدة ساعات قبل أن يتوجه مئات الشباب إلى طريق صلاح سالم المؤدية إلى مطار القاهرة ويقطعونها بإشعال إطارات، ما سبب أزمة مرورية خانقة في العاصمة. كما قطع أعضاء «ألتراس أهلاوي» في محافظة الشرقية طريقاً رئيسة، وأشعلوا إطارات لإغلاقها. كما قطعوا طريق القاهرة - الإسكندرية الزراعية. ودارت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في قلب ميدان التحرير، بعدما اقتحمته قوات الشرطة ليلاً من محاور عدة وألقت القبض على عشرات المعتصمين بينهم رجل سبعيني يُدعى محمد العليان ملقب ب «ابي الثوار» كونه ظل في الميدان منذ 25 كانون الثاني (يناير) 2011 حتى أمس، وبعدما تمكنت الشرطة من إزالة خيام المعتصمين في الحديقة المركزية للميدان وأحكمت سيطرتها عليها وسيرت حركة المرور فيه، تجمع عشرات الشباب من مداخل عدة للميدان وهاجموا قوات الشرطة بالحجارة والزجاجات الفارغة، ففر الجنود إلى الشوارع الجانبية قبل أن يتجمعوا ثانية ويطاردون المتظاهرين بالعصي والحجارة وأوقفوا عشرات منهم. وظلت الأمور على هذا المنوال طوال ساعات النهار حتى تمكن المتظاهرون من إحكام سيطرتهم على الميدان مجدداً وأغلقوه، ومنعوا حركة سير السيارات فيه، وانتقلت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين إلى أطراف الميدان وفي شارع محمد محمود المطل على الميدان والمؤدي إلى وزارة الداخلية. وانتشر عشرات المتظاهرين المسلحين بالعصي والحجارة عند أطراف الميدان لمنع قوات الشرطة من التقدم في الميدان مجدداً. وفي مدينة المنصورة التي تشهد صدامات مستمرة بين الشرطة والمتظاهرين منذ هجوم أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» على معتصمين في ميدان السادس من أكتوبر الأسبوع الماضي، خرجت مسيرات وتظاهرات حاشدة احتجاجاً على واقعة دهس مدرعة للشرطة متظاهراً، ما تسبب في مقتله. واستمرت المواجهات بين الطرفين خلال اليومين الماضيين وسقط جرحى جدد أمس بعدما اقتحم المتظاهرون مديرية الأمن القديمة وأشعلوا النيران في أجزاء من مبنى ديوان عام محافظة الدقهلية جراء رشقه بزجاجات حارقة. وردت الشرطة بعنف على المتظاهرين وأطلقت كميات كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، واستمرت في مطاردة المتظاهرين في الشوارع الجانبية المحيطة بديوان عام المحافظة. وفي الإسماعيلية، دارت مواجهات مماثلة بعدما تظاهر مئات أمام ديوان المحافظة لمطالبة المواطنين بتنظيم عصيان مدني أسوة ببورسعيد، وقطع متظاهرون الطريق الرئيسة أمام مبنى المحافظة ومنعوا حركة السير والأفراد، فتدخلت قوات الشرطة وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لتفريقهم، فرد المتظاهرون برشق مركبات الشرطة وأفرادها بالحجارة والزجاجات الحارقة.