أفادت مصادر حزبية مغربية بأن زعماء الائتلاف الحكومي اتفقوا على تشكيل فريق عمل «لفض النزاعات وتدبير الأزمات» التي تنشأ بين أحزاب التحالف الحكومي الذي يضم «العدالة والتنمية» و «الاستقلال» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية». واعتبرت الاتفاق خطوة في الاتجاه الصحيح للحؤول دون تصدع الغالبية لدى ظهور خلافات في التعاطي والملفات والقضايا المطروحة. وأوضحت المصادر ذاتها أن فكرة إجراء تعديل حكومي لم تطرح على جدول أعمال اجتماع الغالبية، بخاصة في ضوء تفهم «الاستقلال» ضرورة تأجيل التداول في شأنه إلى وقت لاحق يُرجّح أن يتزامن وبدء السنة الاشتراعية الجديدة أي بعد مرور عامين على ولاية الحكومة الراهنة التي تدوم خمس سنوات، في حال عدم حدوث مفاجآت. وأبدت مكوّنات الغالبية ارتياحها إزاء نتائج الانتخابات الجزئية التي جرت الأسبوع الماضي حول خمسة مقاعد كانت كلها من نصيب أحزاب الغالبية. ولفتت المصادر إلى أن حزب «العدالة والتنمية» الذي يقود الائتلاف الحكومي، أبدى حرصه خلال الاستحقاق الانتخابي على دعم حليف حكومي هو «التقدم والاشتراكية» الذي كاد يفقد كتلته النيابية لولا حيازة مقعد يلائم وضعه الاعتباري داخل مجلس النواب. وفُهمت الإشارة أنها تعني دعم حليف تُهدده المخاطر وهو جزء من الغالبية الحكومية، بعد أن اعترى في وقت سابق تململ في هذه الغالبية إثر بروز خلافات بين «العدالة والتنمية» و «الاستقلال». غير أن انتقادات الأخير للظروف التي جرى فيها الاقتراع الجزئي في مدينة سيدي قاسم شمال العاصمة الرباط استمرت بعد إعلان النتائج، وعلى الأقل لجهة التساؤل حول المعطيات التي مكّنت حزب وزير الداخلية محند العنصر (أي «الحركة الشعبية») من الاستئثار بمقعدين من أصل خمسة. وشكك القيادي في «الاستقلال» النائب عادل بن حمزة في ملابسات أحاطت بالاقتراع. ولا تستبعد المصادر لجوء فعاليات إلى الطعن في بعض تلك النتائج، على رغم محدوديتها وعدم تأثيرها في الخريطة السياسية الراهنة. بيد أن رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران عاود التأكيد أن النتائج جددت ثقة الناخبين في تجربة حكومته «على رغم التشويش»، في إشارة إلى انتقادات المعارضة واستمرار الجدل حول ملفات إصلاحية تطاول نظام المقاصة والتقاعد والبحث في استقرار أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية. على صعيد آخر، رأى مراقبون في مبادرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المتمثلة في رفع تقارير إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس تشمل اجتهادات حول أوضاع المحكمة الدستورية وإصلاح المحكمة العسكرية وإقرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية، تحولاً في مسار ربط هذه الإصلاحات بالالتزامات الدولية، لجهة تطوير المنظومة القضائية. وكان لافتاً أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان اقترح في تقرير عدم متابعة الأشخاص المدنيين أمام القضاء العسكري، من خلال معاودة تحديد اختصاصات المحكمة العسكرية. وأوضح التقرير في سابقة تطاول هذا القطاع الذي لم يكن الاقتراب إليه ميسّراً إن المحكمة العسكرية لا تكون مختصة في مجال السلم، إلا بالنظر في الجرائم المتعلقة بالانضباط العسكري، أو التي يتورط فيها عسكريون في المس بأمن الدولة أو الإرهاب بينما في الحالات الأخرى فإن العسكريين تجري متابعتهم قضائياً في محاكم عادية. ولاحظت المصادر أن توقيت الإعلان عن هذه الاقتراحات التي أقرتها دورة عادية للمجلس يتزامن ومثول متهمين يتحدرون من أصول صحراوية أمام محكمة عسكرية أقرت إدانتهم على خلفية التورط في أحداث القلاقل التي عرفها مخيم «اكديم ايزيك» في ضواحي مدينة العيون قبل أكثر من عامين وأدت إلى مقتل ضحايا من قوات الأمن التي أزالت المخيم. ووصفت تقارير مستقلة أجواء المحكمة بأنها اتسمت بشروط المحاكمة العادلة. واعتمد المغرب على خلاصات سابقة في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان منذ إحداثه في تسعينات القرن الماضي في تصفية ملفات عالقة ترتبط بأوضاع حقوق الإنسان، كما حدث بالنسبة إلى معتقلي سجن تازمامرت الرهيب، وصدور عفو شامل عن معتقلين سياسيين وعودة المنفيين. وأشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي كان بدأ عهده بتشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر وتحسين سجل البلاد في أوضاع حقوق الإنسان، بخلاصات اقتراحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان كونها تندرج في إطار تفعيل الدستور الذي صادق عليه المغاربة في تموز (يوليو) 2011، وأقرت إحداث محكمة دستورية إضافة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وأفاد بيان البلاط الملكي بأن تفعيل هذه المؤسسات «يعطي بُعداً فعلياً لفصل السلطات واستقلال القضاء»، مشيراً إلى أن تقارير المجلس تسير في الاتجاه الصحيح لتفعيل المبادئ الدستورية والتزام المعايير الدولية ذات الصلة. واعتبر العاهل المغربي الاقتراحات المعروضة إسهاماً جديداً في الحوار الديموقراطي وتوطيد دولة القانون وحماية حقوق الإنسان.