بسبب حداثة التجربة، يعود المغردون السعوديون لارتكاب أخطاء تصنيفية حول «أفضل» و»أقوى» و أكثر تأثيراً، فبعد أن قامت وزارة العمل قبل أشهر بدعوة مغردين للترويج لقرار وزير العمل عادل فقيه برفع رسوم العمالة، تعود الفكرة نفسها مرة أخرى بأسماء سبق لها المشاركة في ذلك العشاء، إلى جانب أسماء، تم وصفها على موقع ملتقى «مغردون سعوديون» والذي ينطلق اليوم (الإثنين) في فندق «ريتز كارلتون» بالرياض، أنها «أفضل المغردين السعوديين»، من دون ذكر لمعايير الأفضلية والتفضيل. ومن بين المغردين المدعوين من لا يتجاوز عدد متابعيه 4000 متابع، بينما آخرين لهم ارتباط بالجهة المنظمة وهي مؤسسة مسك الخيرية، منحت لهم فرصة المشاركة تحدثاً وإدارة للحوار في الملتقى الحديث. وجاء على الموقع الإلكتروني للحدث أن رؤية الملتقى هي إقامة ملتقى سنوي يجمع «أفضل المغردين السعوديين» لمناقشة قضايا الشباب والإسهام في رفع الوعي، وهو الوعي الذي يتساءل البعض كيف سيتم رفعه وتتم صناعته عن طريق تكرار أسماء الضيوف، وما يصفه البعض ب «الشللية» في الدعوات، والتي انتقلت من المثقفين إلى المغردين. وعلى عكس مفهوم دعم العمل الخيري المتعارف عليه من أن يقوم متطوعون أو متبرعون أو مؤسسات خاصة أو حكومية لإقامة ملتقيات لدعم الجمعيات والمؤسسات الخيرية، يقوم الملتقى بمبادرة من مؤسسة «مسك» الخيرية، من دون تفاصيل عن علاقة المؤسسة الخيرية بملتقى للمغردين، لا يوجد من بين أجندته وجدول أعماله أي نشاط متعلق بالعمل الخيري أو لدعم المؤسسة الراعية. وفي قراءة سريعة لأسماء المشاركين، يتضح أن نسبة كبيرة منهم غير فاعلين ومؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، بل غالبيتهم من رياديي الأعمال والضليعين بأمور التجارة الإلكترونية، وهي ما يمكن الاستفادة منهم في إقامة لقاء يختص بالتجارة الإلكترونية ومستقبلها ومحاذيرها، إضافة إلى دعوة متخصصين في التقنية والمجموعات البريدية، شهرتهم خارج موقع «تويتر» أكثر من شهرتهم داخله. المغردون يسخرون من وقت لآخر بالصحف الورقية وبالإعلام التقليدي على التحفظ وعدم نشر المعلومات كاملة، إلا أن في خطاب التغطية الإعلامية الموجه للصحف – حصلت «الحياة» على نسخة منه – تم وضع عبارة «للاطلاع وليس للنشر» في ذيل كل صفحة من الصفحات التي تحمل جداول المتحدثين، وهو التحفظ الذي يكشف التناقض في المزايدة على الحرية الإعلامية والجرأة التي تمتاز بها هذه المواقع عن بقية وسائل الإعلام المختلفة. وفي غياب معيار التفضيل والأفضلية، تكشف أسماء المتحدثين وجود ضبابية في الأسس التي بني عليها توجيه الدعوة للمغردين ووصفهم ب»أفضل» ، وتكرار أسماء كثير من المشاركين في لقاء وزير العمل السعودي، إضافة إلى مشاركتهم في نشاطات إحدى المؤسسات المعنية برعاية الشباب وتنمية مهاراتهم في الرياض، وهو ما يؤكد الانتقائية في توجيه الدعوات وتحديد أسماء المتحدثين، وتحويل المغردين الغير نشطين على موقع التواصل الاجتماعي إلى «أفضل مغردين سعوديين» من دون نشر معيار التأثير الذي استند عليه الملتقى. وباعتراف غير مباشر بقوة الإعلام التقليدي على حساب الإعلام الجديد، تم الاعتماد في كثير من الجلسات على أسماء إعلامية اشتهرت عبر وسائل الإعلام الكلاسيكية، التلفزيون والراديو والصحف، وهم مقدم برنامج إضاءات على شاشة العربية والكاتب بصحيفة الرياض تركي الدخيل، ومقدم برنامج «الرئيس» على قناة لاين سبورت صلاح الغيدان، ومقدم برنامج «لقاء الجمعة» على قناة روتانا خليجية عبدالله المديفر. وإلى جانب الدعوات المقدمة لمشاهير الشاشة، جاء في الخطاب الموجه للصحف للتغطية الإعلامية ما يعد اعترافاً آخر بعدم قدرة المغردين ورواد التواصل الاجتماعي من الاستقلالية عن الصحف ووسائل الإعلام التقليدية، إذ جاء بما نصه: «والمساهمة بالتغطية الإعلامية عبر وسيلتكم الإعلامية الرائدة حتى تتحقق الأهداف المرجوة من هذه الفعالية». ملتقى مغردون سعوديون.