نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وصل ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى مشعر منى مساء أمس؛ للإشراف على راحة حجاج بيت الله الحرام، فيما استقر أكثر من مليوني حاج بسلام في مشعر منى، بعدما وقفوا بسلام، ومن دون حوادث في مشعر عرفات في مشهد روحي مهيب، وسط نداءات التلبية والتكبير. وأكد المسؤولون السعوديون أن يوم عرفة مرّ من دون أمراض ولا أوبئة ولا حوادث. ودعا المفتي العام للسعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين، في خطبة عرفة قبيل صلاتي الظهر والعصر، جمعاً وقصراً، إلى توحيد الكلمة والصفوف، والحفاظ على مكاسب الأمة. وأكد أن عنوان صلاح كل أمة هو استقامتها، ومحافظة أبنائها على النفوس، «فإن قتل المسلم بغير حق عدوان ظالم وظلم كبير من الجرائم المنكرة». وقال: ابتُلينا بأمة سفكوا الدماء، وقتلوا النفس المعصومة، وقدموا بها تمثيلاً سيئاً لا يمثل إسلاماً، ولا خلقاً إنسانياً». ووصف تلك الفئة بأنهم أعظم خطراً من الخوارج. ووصفهم بأنهم «إجراميون انتهكوا الأعراض، وسفكوا الدماء، ونهبوا الأموال، وباعوا الحرائر، ولا خير فيهم». وقال: «وأشرُّ من ذلك أنهم لبَّسوا باطلهم بأنه جهاد، وأنه الإسلام، واللهُ يعلم أنهم براء من الإسلام، ومن الجهاد، وأنهم الطغاة، فاحذروا أفكارهم المنحرفة، ودعواتهم الزائفة». ودعا لأهل الشام بالنصرة «من ظلم الظالمين». وناشد أهل العراق أن يتقوا الله في أنفسهم، «وعسى أن تتغلبوا على هذه المتفجرات». وندد بما يجري في اليمن مخاطباً أهله: «يا إخواني في اليمن، ما هذه الحال السيئة؟ حولتم البلاد إلى خوف وذعر». وطالب الليبيين بالتعاون على البر والتقوى، وبأن يحذروا الشيطان. ونوه مفتي السعودية بالأعمال الجليلة التي تبذلها المملكة في خدمة الحرمين الشريفين، مشيراً إلى أن عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تميَّز بالخدمات والمشاريع العظيمة، ومنها توسعة الحرمين الشريفين، وتطوير المشاعر المقدسة والمطاف. وخاطب المسلمين بالقول: «أنتم صمام أمنكم، تحمون حدودها واستقرارها (الأمة الإسلامية)، وتضربون بيد من حديد على كل الأعداء من الخارج ومن الداخل». ودعاهم إلى وجوب «حل خصوماتنا وحقن دمائنا». وقال مخاطباً قادة وزعماء العالم الإسلامي: «اتقوا الله في أنفسكم. اتقوا الله في شعوبكم. اتقوا الله في بلادكم. اتقوا الله في دينكم». وحذّرهم من أن «دينكم مستهدف. أمنكم مستهدف. عقيدتكم مستهدفة. قوتكم مستهدفة. عقولكم مستهدفة». وأضاف المفتي العام للسعودية أن «أمن المجتمع مسؤولية كل فرد منا، يسعى في أمنه، ويبتعد عما يسيء إليه، ولْنحذر من سوء الحماقات». وشدد على ضرورة أن ينأى الإعلام عن المهاترات، وأن يكون هدفه الإصلاح، مؤكداً أن للإعلام دوراً عظيماً في خدمة الأمة، وحل قضاياها ومشكلاتها. وأعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية أن منشأة الجمرات في مشعر منى جاهزة لاستقبال الحجاج منذ منتصف ليل البارحة وطوال أيام «التشريق». (للمزيد) وذكر قائد مرور مشعر عرفات العميد خالد الضبيب نجاح خطة نفرة الحجاج إلى مزدلفة. وكانت أمانة العاصمة المقدسة وظّفت 14 ألف عامل نظافة يعملون على مدار ساعات اليوم، قاموا أثناء وقوف الحجاج بعرفات بتنظيف مشعر منى. وقال وكيل أمين العاصمة المقدسة لشؤون الخدمات المهندس عبدالسلام بن سليمان إن فرق عمال النظافة تمكنت من تنظيف مشعر منى بأكمله منذ وقت مبكر؛ استعداداً لعودة ضيوف الرحمن من عرفات ومزدلفة. ووقف أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز على جهود الجهات المكلفة بخدمة الحجاج وراحتهم. ووجّه ببذل كل الجهود لخدمة الحجاج. وأعلنت وزارة التجارة والصناعة السعودية أنه تم توفير كميات كبيرة من المواد والسلع الغذائية لضيوف الرحمن، وواكب ذلك قيام فرق من مراقبي الوزارة بجولات تفتيشية؛ لتفقد «المباسط» و«البرادات» والسيارات المتجولة المحملة بالسلع، للتأكد من صلاحية تلك المواد، وتقيّد باعتها بالأسعار الموسمية المحددة. وأشارت الوزارة إلى أن مراقبيها صادروا أكثر من 15 ألف سلعة غذائية واستهلاكية فاسدة ومقلَّدة. وقال قائد الإطفاء بمشعر منى العميد إبراهيم المجماج إن 49 فرقة إطفاء تغطي مشعر منى، لضمان سلامة الحجاج وأمنهم. وأكد أن تلك الفرق مزودة بأحدث الآليات والمعدات والتجهيزات المتطورة. وأعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية تجهيز 234 عربة كهربائية بمنشأة الجمرات لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى وكبار السن. وقالت إن تلك العربات ستخدم 200 ألف حاج من ذوي الاحتياجات الخاصة ومرافقيهم. وأوضح وزير الصحة السعودي المكلف المهندس عادل فقيه أن حال حجاج بيت الله الحرام الصحية مطمئنة، وأن المراكز الصحية جاهزة لخدمتهم في المشاعر المقدسة ومكةالمكرمة. وأشار إلى أن وزارة الصحة السعودية اتخذت حزمة من الإجراءات للتعامل مع فايروسي «كورونا» و«أيبولا»، إذ قامت منذ أشهر باتخاذ إجراءات وقائية لمنع استقبال مسافرين من الدول الثلاث الرئيسة التي أصيبت بحالات كبيرة منذ نيسان (أبريل) الماضي. وأعلن مدير الأمن العام السعودي رئيس اللجنة الأمنية بالحج اللواء عثمان المحرج أن حجاج بيت الله الحرام اكتمل وصولهم إلى مشعر عرفات عند الساعة الثامنة صباحاً، بكل يسر وسهولة وأدوا صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً بمسجد نمرة، مشيراً إلى أن جميع الخطط المرورية والأمنية نُفذت كما رُسم لها. وأكد المحرج أنه ليس هناك تعثر في الخطوط، ولا ارتداد ما بين منى وعرفات، مروراً بمزدلفة. يذكر أنه عند وصول الحجاج إلى مشعر منى يتجه الحاج إلى جمرة العقبة الكبرى، وهي القريبة من مكةالمكرمة، فإذا وصل إلى جمرة العقبة يتوقف عن التلبية ثم يرميها بسبع حصيات متعاقبات ويكبّر مع كل حصاة، ثم يذبح الهدي إذا كان عليه هدي ويأكل منه ويطعم الفقراء، ثم يحلق أو يقصر شعر رأسه والحلق أفضل والمرأة تقصر من شعرها قدر أنملة (الأنملة تعادل رأس الأصبع). ويستقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها والحجاج على صعيد منى بوجه خاص يوم عيد الأضحى المبارك صباح اليوم العاشر من ذي الحجة، فرحين مستبشرين بما أنعم الله عليهم وناحرين أضحياتهم تقرباً إلى الله عز وجل.