أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أمس، أن معارك «عنيفة» ما زالت مستمرة بين القوات الفرنسية والجماعات الإسلامية المسلحة «في ركن الإرهابيين» بجبال إيفوقاس شمال مالي، مشيراً إلى «قتلى كثرٍ في صفوف الجهاديين». وقال لإذاعة «أر تي أل»: «يسقط قتلى يومياً، فيما تحتجز القوات الفرنسية عدداً قليلاً جداً من الأسرى»، علماً أن كلفة التدخل الفرنسي تجاوزت مئة مليون يورو حتى الآن. وأوضح الوزير أن العملية الجارية في مرتفعات أقصى شمال مالي قرب الحدود مع الجزائر «تستهدف التعاطي مع النواة الصلبة للجماعات الأكثر إرهاباً، والتي دخلنا معقلها». وزاد: «نواجه تعقيدات حتمية النزول إلى الميدان، وإجراء تمشيط دقيق متراً تلو متر على مساحة شاسعة جداً، لكن هنا ركن الإرهابيين، والتدخل الفرنسي سيستمر حتى تحرير كل هذا القطاع». إلى ذلك، أفادت رئاسة الأركان الفرنسية بأن «القوات الفرنسية والمالية والتشادية تخوض مواجهات ميدانية منذ 18 الشهر الجاري في منطقة تساليت»، مشيرة إلى تدمير 3 آليات وقتل أو جرح حوالى 20 إرهابياً». وفي واشنطن، دعا السيناتوران الأميركيان الديموقراطي كريستوفر كوونس والجمهوري جوني إيساكسون اللذين زارا مالي أخيراً، فرنسا إلى البقاء عسكرياً في مالي إلى ما بعد آذار (مارس)، نظراً إلى عدم جاهزية الوحدة الأفريقية التي ستحل بدلاً من الفرنسيين. وقال كوونس، الأخصائي في شؤون أفريقيا في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ: «إنني قلق من إدلاء الفرنسيين بتصريحات متفائلة عن نجاحهم في دحر المتطرفين، وأعتقد أن استقرار الوضع قد يتطلب وجوداً عسكرياً فرنسيا لفترة أطول». واعتبر أنه «من دون شريك يؤمن عمليات الإجلاء الطبي والنقل الجوي والمراقبة واللوجيستية، قد تتعرض مدن شمال مالي مجدداً لهجمات تعيد السيطرة إلى الإسلاميين، في وقت لم تكتمل استعدادات الجنود الأفارقة للقتال في الصحراء». أما السيناتور إيساكسون فحض الفرنسيين على عدم استعجال رحيلهم، وقال: «نعلم جميعاً أن عيون تنظيم القاعدة شاخصة على كل ما هو غرب مصر في شمال أفريقيا». وأضاف: «يمكن أن تتحول مالي إلى اختبار حول قدرة الأسرة الدولية على مواجهة عناصر القاعدة وتوقيفهم». وتشير الهجمات الانتحارية التي شنت أخيراً والمواجهات العنيفة إلى أن «الجهاديين» اختاروا حرب العصابات. استدعاء عسكريين ماليين على صعيد آخر، كشف الكابتن موديبو نامان تراوري من إدارة الإعلام في الجيش المالي استدعاء عسكريين «مذنبين» من الشمال، حيث يتهم جنود ماليون بارتكاب تجاوزات. وأبلغ تراوري التلفزيون الرسمي في مالي بأن «خروج عناصر عن الانضباط أحياناً حتم اتخاذ رئيس الأركان إجراءات شملت استدعاء العناصر المذنبين من أجل إحالتهم على القضاء»، مؤكداً صحة تقارير عن ارتكاب جنود ماليين تجاوزات ضد مدنيين انتفضوا عليهم في تومبكتو (شمال غرب)، وصوراً بثتها «وسائل إعلام عالمية» حول المسألة. ويقول شهود ومنظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن تجاوزات الجنود الماليين شملت أشخاصاً اتهموا بالتعاون مع الإسلاميين المسلحين، خصوصاً ماليين ذوي بشرة فاتحة ومنهم الطوارق والعرب. إلى ذلك، أطلق حوالى مئة حزب سياسي وجمعية في مالي «مبادرة من أجل السلام والوحدة الوطنية»، داعين إلى إجراء انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان. وطالبت وثيقة وقعتها المنظمات بعد اجتماع «كل الأحزاب الضالعة في الحرب» بالانضمام إلى المبادرة، وحضت كل الأطراف على «السهر على احترام ميثاق شرف الجندي وحقوق الإنسان». وفيما شددت الوثيقة على ضرورة إحالة «المجرمين على العدالة»، أكدت أن «من واجب الماليين أن يسارعوا إلى تحقيق الوحدة الوطنية».