يبدو ان التنديد بالجرائم على مواقع الانترنت أصبح نشاطا خطرا في ولاية تاموليباس شمال شرق المكسيك، وهي منطقة تنشط فيها عصابات المخدرات وتقضي بشكل دموي على من يرفع الصوت بوججها. لكن صفحة "فالور بور تاموليباس" (الشجاعة لسكان تاموليباس) لا يبدو انها سترضخ للتهديدات القاسية التي تلقتها. فهذه الصفحة التي تنشر معلومات عن الاشتباكات وعمليات الخطف التي يقوم بها تجار المخدرات في هذه الولاية، تلقى اقبالا كبيرا ذ يصل عدد المشتركين فيها الى 164 الفا. والاسبوع الماضي، وزعت في مدينة سيوداد فيكتوريا عاصمة الولاية، منشورات تتوعد مدير هذه الصفحة وتعرض مبلغ 600 الف بيزوس (42 الف دولار) لمن يدلي بمعلومات حول شخصيته الحقيقية. ولم تقتصر التهديدات على مدير الصفحة فقط، بل تعدته الى افراد عائلته. وقال مدير الصفحة في اتصال عبر فيسبوك مع وكالة فرانس برس ان هذه التهديدات "قد تكون ذات صلة بأشخاص فاسدين في الاجهزة الرسمية، واعضاء في كارتيل زيتاس"، اكبر عصابات المخدرات واكثرها دموية في البلاد. واضاف "الامر الذي يجعلني اشك بوجود اشخاص في الاجهزة الرسمية متورطين في هذه التهديدات هو ان المنشورات مصاغة بشكل جيد وهي تخلو تماما من الاخطاء اللغوية ولا تحمل توقيع اي عصابة". وبرأيه، فان السلطات في سيوداد فيكتوريا، التي يبلغ عدد سكانها 300 الف، لا تستطيع ان تتصرف دون موافقة عصابة زيتاس التي تسيطر عمليا على المدينة. وقد تحولت المكسيك في السنوات الاخيرة الى واحدة من أكثر البلاد خطرا على الصحافيين، ولاسيما اولئك الذين يغطون الجرائم. وتعمد الصحف المحلية الى ما يشبه الرقابة الذاتية على الاخبار التي تنشرها عن الجريمة والمخدرات خشية الانتقام. فمنذ العام 2000، قتل 82 صحافيا وفقد اثر 18 آخرين في المكسيك، بحسب المفوضية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان. وتعرضت المئات من الصحافيين للتهديد كما تعرضت مبان لوسائل اعلامية عدة لاطلاق نار. وفي العام 2009، فقد اثر ثمانية عاملين في مجال الاعلام في مدينة نويفو لاريدو احدى مدن ولاية تاموليباس، وقد ظهر سبعة منهم بعد ذلك في مناطق مختلفة من المكسيك، لكن احدا منهم لم يعد الى مدينته. وفي ايلول/سبتمبر 2011، عثر على ماريا اليزابيث ماكياس، وهي سيدة في التاسعة والثلاثين من عمرها وام لولدين، مقطوعة الرأس قرب نصب في نويفو لاريدو، وعثر الى جانب جثتها على رسالة تقول انها قتلت لانها نشرت معلومات عن نشاطات عصابات المخدرات على مواقع التواصل الاجتماعية. وقبل ذلك بأيام، عثر على رجل وامرأة مشنوقين على جسر في المدينة نفسها، مع تهديدات ضد أي شخص يستخدم الانترنت للتنديد بالجرائم. لكن صفحة "الشجاعة لسكان تاموليباس" تواصل عملها رغم هذه التهديدات. ويقول مديرها لفرانس برس "خفت في بداية الامر، لكنني الان أكثر هدوءا..اتخذت التدابير اللازمة، وأشعر الآن ان هناك مسؤولية ملقاة على عاتقي..". وهو لا يحظى بحماية من السلطات او غيرها، ويضيف "لا اعتقد ان احدا يرغب في حماية شخص يظهر ان النشاط الاجرامي يتفوق على الدولة بشكل كامل هنا". ومنذ نشر التهديدات في الثالث عشر من شباط/فبراير، توسع انتشار الصفحة بشكل كبير.