ذكر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أن قضايا الفساد المطروحة في شركة النفط العملاقة «سونطراك» تثير «سخطنا واستنكارنا»، في أول تعليق له على الملف المفتوح أمام العدالة منذ نحو ثلاث سنوات. ولفت بوتفليقة إلى أنه على ثقة أن العدالة «ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم». ودفع الجدل المثار في الإعلام الجزائري حول قضية الفساد داخل شركة النفط الحكومية، الرئيس بوتفليقة إلى إبداء أول تعليق له بخصوص الملف. ولطالما انتقد سياسيون «صمت» بوتفليقة إزاء منحى التحقيقات بما أنها أسقطت شخصيات توصف بأنها «كبش فداء». وأعلن الرئيس بوتفليقة عن ثقته في العدالة الجزائرية لفك خيوط وملابسات قضية شركة «سوناطراك»، مشيراً إلى أن هذه «أمور تثير سخطنا واستنكارنا». وقال في رسالة وجهها أمس إلى الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبدالمجيد سيدي السعيد بمناسبة الذكرى المزدوجة لإنشاء الاتحاد وتأميم المحروقات، إنه «في هذا المقام لا يجوز لي أن أمر مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخراً من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك»، مضيفاً: «لكنني على ثقة أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا». وعادت فضيحة مؤسسة النفط إلى الواجهة في الأيام الأخيرة بعد تحقيقات أقامها القضاء الإيطالي حول شركات متعاقدة في الجزائر. وكشفت تلك التحقيقات عن تفاصيل «رشاوى» دُفعت إلى مسؤولين جزائريين عن طريق وسطاء مزيفين بينهم ف. ب. وهو نجل شقيق وزير سابق، ولم تتوقف خيوط الفضيحة عند حدود القضاء الإيطالي، إذ أعلن القضاء الكندي بدوره فتح تحقيق وراء شخصيات وردت أسماؤها في المزاعم وتقيم في كندا. وأعلن مجلس قضاء الجزائر أنه تم فتح تحقيق قضائي في إطار هذه القضية. وجاء في بيان وقعه النائب العام بقاسم زغماتي أن الأحداث التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية «لها صلة مع التحقيق القضائي المفتوح لدى القطب الجنائي المختص لسيدي امحمد في الجزائر العاصمة في إطار القضية المسماة سوناطراك 2». وأعلن وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي مطلع الأسبوع الماضي أن الإجراءات الضرورية بخصوص قضية «سوناطراك 2» ستتخذ بمجرد انتهاء العدالة من عملها والتحقق من حيثيات القضية. وذكر أن «تعليمات صارمة جداً أعطيت (من طرف السلطات) للمؤسسات من أجل الدفاع عن مصالحها ومتابعة كل شخص يكون قد تصرف خلافاً لمصالح مؤسساتنا». وأضاف وزير الطاقة والمناجم أن «العدالة تقوم بتحقيق (حول القضية)». وتابع: «سنحارب الفساد بكل عزم وسنكون صارمين في هذا المجال». وبإعلان النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر فتح تحقيق جديد في قضية الفساد في «سوناطراك»، بناء على المعطيات الواردة في تحقيقات العدالة الإيطالية، تقترب العدالة الجزائرية هذه المرة من استدعاء وزير الطاقة السابق شكيب خليل للاستماع إلى إفادته. ويقرأ مراقبون خروج الرئيس بوتفليقة عن صمته في خصوص القضية بأنه إيذان بأن التحقيقات ستطاول شخصيات رئيسية يُشتبه في أنها متورطة في الفضيحة، وليس فقط صغار الموظفين الذين يشكون من أنهم «كبش فداء» لموظفين أعلى منهم. وحالياً يخضع باولو سكاروني رئيس شركة «إيني» أكبر شركات الطاقة في إيطاليا للتحقيق بتهمة الفساد الدولي بعد ثبوت تقديم رشوة قيمتها 197 مليون يورو أي ما يعادل 270 مليون دولار، لمصلحة مسؤولين في الجزائر لتمكين شركة «سايبام» المنضوية تحت لواء «إيني» من عقود عمل في الجزائر تتجاوز قيمتها 11 بليون دولار. وتفيد معطيات عن التحقيق الذي أجرته مصالح أمنية تتبع للأمن العسكري الجزائري أن 1600 وثيقة قد تم التحقق منها وتبيّن أن أحد أقارب وزير سابق قد يكون بالفعل متورطاً في الفساد في الشركة. وفي سياق آخر، تحدث الرئيس الجزائري عن «تحديات الأمن» في البلاد، قائلاً «نحن في هذا الخضم نواجه تحديات أخرى نرى أمننا يتعرض للخطر بين الفينة والأخرى جراء الوضع السائد في مالي على حدودنا الجنوبية وبسبب إرهاب لا يؤمن شره ولا نتهاون لحظة في محاربته». وقال في هذا الصدد إن «ما وقع بعين أمناس قبل أيام (اعتداء منشأة تيقنتورين) أقام الدليل الأمثل على ذلك، إذ كشف وحشية الفلول الإرهابية وفي الوقت نفسه أبرز اقتدار جيشنا وأجهزتنا الأمنية الذين تصدوا جميعهم لهذا الاعتداء الذي استهدف إحدى أهم المنشآت في بلادنا». وقررت الحكومة هذا العام إقامة احتفالات ذكرى تأميم المحروقات (اليوم) في منشأة «تيقنتورين».