أكد وزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل تقارير تحدثت عن تحقيق القضاء مع الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الحكومية «سوناطراك» محمد مزيان في قضية فساد، وأن مهماته نقلت بالإنابة إلى القيادي في الشركة عبدالحفيظ فغولي. وأوضح خليل خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الجزائرية أمس، أن وضع مزيان الذي يترأس الشركة منذ عام 2003 تحت الرقابة القضائية «جاء في إطار تحقيق قضائي متعلق بإبرام صفقات في الشركة». وأضاف أنه تم «وضع نائبين للرئيس رهن الحبس الاحتياطي وأربعة مديرين تحت الرقابة القضائية». غير أنه شدد على أن «مسيّري سوناطراك أبرياء حتى تفصل العدالة في أمرهم». وسُئل عما إذا كانت لديه معلومات عن القضية، فأجاب: «لا علم لي بفحوى القضية عدا ما قرأته في وسائل الإعلام... جميع الإطارات (القيادات) تعتبر بريئة حتى تثبت العدالة تورطها». وتحيط السلطات الجزائرية بسرية تامة التحقيقات التي أجرتها أجهزة الأمن في هذا الملف وأحالتها على القضاء. ومعلوم أن جهاز المخابرات تولى التحقيق في الملف، بموجب تعديلات وردت أخيراً في قانون الإجراءات المدنية والجزائية منحته صلاحيات تمكنه من التحقيق والتعاطي مع القضاء المدني. ورداً على سؤال، قال خليل أمس إنه لا يعلم إذا كان التحقيق قد يؤثر على عمليات «سوناطراك». وقال: «هذا لن يتضح قبل عام»، لكن خبراء يتوقعون أن يكون التأثير داخلياً من دون إضرار بمصالح الشركة مع شركاء أجانب. ولم يدل القضاء الذي تسلم الملف بأي تعليق أو توضيح عن طبيعة الاتهامات أو عن ضلوع أجانب فيها. ويسود اعتقاد راسخ لدى قطاع واسع من مسؤولي الدولة، أن تفجر أكثر من فضيحة بالتزامن في قطاعات حيوية، يشكل عودة إلى حملة «الأيادي البيضاء»، وهو مصطلح تعتمده الصحافة الجزائرية لوصف مرحلة قادها رئيس الحكومة أحمد أويحيى خلال ولايته السابقة في 1997، وركزت على محاربة الفساد في عدد من القطاعات وأسقطت عشرات المسؤولين في كبرى الشركات. وتحظى قضية «سوناطراك» باهتمام بالغ، إذ أن الشركة أدخلت 40 بليون دولار للموازنة من المحروقات العام الماضي، ولها برنامج استثماري قيمته 63 بليون دولار في الفترة الممتدة حتى 2013. ويشير معظم التحليلات إلى ارتباط «الفضيحة» بمشاريع لإيصال الغاز إلى أوروبا. وهذه ثالث قضية فساد كبيرة تكشف خلال بضعة شهور، بعدما تصدرت «فضيحة الطريق السيّار» الذي يربط شرق البلاد بغربها اهتمامات وسائل الإعلام لفترة، خصوصاً مع الاشتباه بارتباطها بتصفية حسابات سياسية، وهو ما اتهم الصينيون فرنسا به. ووجه طلب في إطار القضية لسماع وزير الأشغال العمومية عمار غول، في وقت طاولت تحقيقات أخرى قطاع الصيد البحري الذي يتولاه زميله في الحزب (حركة مجتمع السلم) الوزير إسماعيل ميمون. ورأت صحف جزائرية أن هذه التطورات ربما تؤكد جدية تعهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اجتثاث الفساد، وهو الموضوع الذي حظي بالأولوية في أول مجلس وزراء عقده عقب انتخابه لولاية ثالثة في نيسان (أبريل) الماضي.