رفضت وزارة الداخلية الجزائرية السماح بتأسيس حزب «جبهة الصحوة الحرة» الذي يقوده إسلاميون بينهم ناشطون سابقون في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، استناداً إلى قانون الأحزاب الذي تقرر ضمن قوانين الإصلاح السياسي وفيه منع صريح لناشطي الجبهة السابقين من تعاطي السياسة. ورفضت الوزارة الترخيص لعقد اجتماع تأسيسي للحزب السلفي الأول منذ حظر نشاط «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، بعدما أحالت جهات إدارية ولائية طلب زعيم الحزب الجديد عبدالفتاح زراوي حمداش على وزارة الداخلية في إجراء استثنائي بسبب «حساسية الطلب». ويشير الرفض الذي كان متوقعاً غلى أن الحكومة ما زالت تتعامل ب «حساسية» مع تعاطي السلفيين السياسة، لا سيما في ظل وجود ناشطين سابقين في «جبهة الإنقاذ» في الهيئة المؤسسة ل «الصحوة الحرة». ويتضمن الرد السلبي رسالة ضمنية إلى عناصر سابقة في «الجيش الإسلامي»، وهو الذراع العسكرية ل «جبهة الإنقاذ»، للعدول عن فكرة تأسيس جمعية خيرية كان يتولى حشد المؤيدين لها زعيم «الجيش الإسلامي» السابق مدني مزراق. وتنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب على منع عودة قيادات الحزب المحظور و «كل شخص مسؤول عن استعمال الدين الذي أفضى إلى المأساة الوطنية، أو من شارك في الأعمال الإرهابية، إلى الحياة السياسية»، استناداً إلى روح المادة ال26 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وعلى رغم انتقادات نيابية ل «هلامية» المادة، إلا أن الحكومة أبدت تشدداً في عدم التراجع. وقالت إنها مستعدة فقط لنقاش مسألة انتساب «تائبين» طلقوا العمل المسلح وأعضاء سابقين في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» إلى أحزاب سياسية بعيداً من المناصب القيادية «لكن حالة بحالة». وقالت مصادر رسمية ل «الحياة» إن هده الصيغة نوقشت في وقت سابق من قبل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بما يمكن من انتساب مستفيدين سابقين من «قانون الوئام» أو «المصالحة» إلى أحزاب سياسية، لكن بعيداً من قوائم المؤسسين أو ترؤس تلك التشكيلات. ويعتبر ملف مشاركة «المتورطين في المأساة الوطنية» كما يعرفهم «ميثاق السلم والمصالحة الوطنية» في النشاط السياسي من الملفات ذات الحساسية الكبرى في الجزائر. وترفض أوساط حكومية متنفذة فكرة رؤية منتسبين سابقين إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة أو «جهاديين» استفادوا من العفو بموجب ميثاق عام 1999 ومصالحة عام 2006 يمارسون النشاط السياسي مجدداً. ويخضع منع النشاط السياسي في الأصل لإجراءات وردت في باب «الوقاية من تكرار المأساة الوطنية» في «ميثاق السلم والمصالحة الوطنية» الذي أقر في استفتاء في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. ويحظر الميثاق «ممارسة النشاط السياسي بأي شكل من الأشكال على كل شخص مسؤول عن الاستعمال المغرض للدين الذي أفضى إلى المأساة الوطنية... وعلى كل من شارك في الأعمال الإرهابية ويرفض على رغم الخسائر التي سببها الإرهاب واستعمال الدين لأغراض إجرامية الإقرار بمسؤوليته في وضع وتطبيق سياسة تمجد العنف ضد الأمة ومؤسسات الدولة». ويواجه توجه الحكومة بمنع أعضاء الجبهة من تأسيس أحزاب بتحفظ جهات قريبة من الحكومة نفسها. ويدعو رئيس «اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان» التي تتبع الرئاسة الجزائرية فاروق قسنطيني إلى تحديد مدة عقوبة الممنوعين من العودة إلى السياسة من ناشطي وأعضاء الجبهة، على أن تكون العقوبة فردية وليست جماعية، كما هو وارد في ميثاق المصالحة.