«للأسف تعتبرون الاختلاف مشكلةً فيما أعتبره أنا ميزة». جاءت هذه الكلمات في خاتمة كتاب «طفل الأسبرجر: مختلف ولكن ليس أقل» للكاتبة الدكتورة هناء حجازي، والصادر عن دار جداول في ما يقارب 247 صفحة، مليئةً بخفقات الأمِّ وخوفها وآلامها وحبها لطفلها المختلف. وتركز الدكتور هناء في هذا الكتاب على شرح حال ولدها «يوسف» مع متلازمة «الأسبرجر» و«الأسبي» كما أحبت أن تناديهم الكاتبة، وهي حال بلغة سردية متصلة، لا فصول، لا أقسام، وإنما استمرار في السرد حتى النهاية، وهذا مما أعطى الكتاب مسحة من الحميمية، حيث التلازم والاستمرار في سرد سيرتها مع ابنها. ومتلازمة أسبرجر هي من اضطرابات التوحد، وتبدو على المصابين صعوبات كبيرة في تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين مع رغبات وأنماط سلوكية مقيدة ومكررة. ويستمر في الحفاظ النسبي على استمرارية تطوير الجوانب اللغوية والإدراكية لدى المريض، وغالباً ما يرد ضعف المهارات الحركية واستخدام لغة غير نمطية في التشخيص. وترصد بذلك الدكتورة هناء حجازي «متلازمة الأسبرجر» لدى طفلها، وكيف بدأت الملاحظات حول ذكائه العالي، إذ يدخل هذا الابن في نقاش فكري مع والدته، ويتمتع بحرية في تفكيره، وهذا ما أوضحته حجازي من خلال الكتاب. وعنوان الكتاب، مقتبسٌ من إحدى الأفلام الأميركية من والدة العالمة تمبل غراندين، وهذا مما قامت بتكريسه خلال سردها للأحداث، وهذا ليس عيباً بقدر ما هو شعور الأمّ نحو حبيبها الأثير، كما أن الكتاب يوضح معاناة أهالي المرضى في بلادنا، مع المجتمع والمدرسة والأطباء والمتخصصين، وتسرد العقبات التي واجهتها، لهذه الأيام التي مرت بها طويلاً لتنجح في نهاية المطاف باحتواء ابنها والعيش معه في هدوء تام. وتقول الدكتورة هناء في كتابها: «أتذكر أنني في تلك الليلة اكتشفت ولدي مرة أخرى، وبكيتُ لا أعرف تماماً لماذا؟ لأني عرفته الآن، أو لأنني لم أعرفه من قبل» وهنا تتجلى لغة الأمومة في سماء الكتاب فاتجهت الكاتبة لإرشاد الحائرين إلى الطريقة المثلى لتشخيص المرض، وجلبت استبانات لعلها تخدم الآخرين في اكتشاف أبنائهم.