اتخذت الأجهزة الأمنية العراقية إجراءات غير مسبوقة، شملت إغلاق معظم منافذ العاصمة، على رغم تراجع المتظاهرين في الأنبار عن قرار نقل احتجاجاتهم إليها، مؤكدين الاستمرار في الاعتصام باسم «بغداد صبراً». ولوحظ انتشار أمني كثيف منذ صباح أمس في معظم أحياء بغداد، خصوصاً في الأحياء الشمالية والغربية، حيث يتوقع أن تشهد تظاهرات حاشدة. وأغلقت الأجهزة الأمنية عصر أمس معظم منافذ بغداد مع محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى وبابل، تحسباً ل «زحف» المتظاهرين إليها «لأداء صلاة موحدة قرب مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان» الذي دهمته قوة أمنية مساء الأربعاء، بحثاً عن مسلحين، ما أثار غضباً في الأوساط السياسية والدينية السنية. وقال إمام المسجد أحمد حسن الطه في كلمة خلال مؤتمر فقهي في الموصل امس إن «السلطة ظلمتنا، وتحاول أن تخلق ذريعة لإخراج التظاهرات عن سلميتها، وإذا فعلنا ذلك، أعطيناها الشرعية لقمعنا». وأضاف إن «حقوقنا ضائعة، وحرماتنا تنتهك، لكن إذا اتخذنا أسلوباً غير قانوني، وغير شرعي، ولا يليق بنا، سيكون لها (السلطة) أن تقمع المتظاهرين بحجة الإفساد، أما إذا لم نأت بفساد، فليس من حق الحكومة أن تضايقنا، أو تضطهدنا، ونأمل أن يسمعوا(المتظاهرون) منا». وكان الطه وعدد كبير من رجال الدين وزعماء القبائل السنية طالبوا المتظاهرين بتأجيل «الزحف» إلى بغداد، خوفاً من تسبب فتنة طائفية. واستجاب المحتجون في الأنبار هذه الدعوة وأعلنوا تأجيل «الزحف» لكنهم أكدوا، في المقابل، انهم مستمرون في التظاهر تحت اسم «جمعة بغداد صبراً». وقال عضو لجنة التنسيق في الأنبار عماد الزوبعي ل «الحياة» إن «الحكومة أغلقت الشوارع، لا سيما تلك التي تربط الأنبار بالعاصمة كما أنها طوقت منطقة الأعظمية وجامع أبو حنيفة. نحن متظاهرون سلميون لا نريد أي صدام مسلح مع قوات الأمن لذلك أجلنا الذهاب إلى بغداد». على صعيد آخر، طالبت منظمة «هيومان رايتس وتش» أمس الحكومة بإعلان نتائج التحقيق في حادثة قتل متظاهرين برصاص الجيش في الفلوجة قبل أكثر من أسبوعين، ومحاكمة المتسببين بقتلهم، وأكدت أن «لا شيء يبرر استخدام الجيش الرصاص ضد متظاهرين عزل». وقال نائب مدير المنظمة جاك ستروك في بيان إن «إخفاق اللجنة البرلمانية في إعلان نتائج التحقيق في أحداث الفلوجة بعد مرور أكثر من أسبوعين عليها يفتح المجال للتساؤل عن شفافية وحيادية اللجنة». وأوضح ستروك أن «السلطات العراقية تحسب إعلان فتح تحقيق هو كل المطلوب عندما تقتل قوات الأمن المتظاهرين».