غاب، أو يكاد تعبير «الصف الأول» يغيب، عند الحديث عن نجوم الدراما التلفزيونية وممثليها. في اتساع مساحة هذه الدراما يصعب حصر النجوم في عدد أصابع اليدين، كما كانت العادة مع السينما، أو حتى الشاشة الصغيرة قبل عقدين. الأمر هنا يتعلق أيضاً بعدد لا يحصى من الوجوه الجديدة من الممثلين الذين أصبحوا اليوم يلعبون الأدوار الرئيسة في الدراما العربية على اختلافها. هي بالتأكيد ظاهرة لافتة نعتبرها صحيَة ودليل عافية، ذلك أنها تعني وجود خيارات كثيرة أمام أي مخرج درامي عند توزيع أدوار عمله على من يراهم مناسبين من النجوم والممثلين. ويأتي ذلك على النقيض من زمن سابق اضطرت خلاله الدراما العربية الى إسناد أدوار الشباب والطلبة الجامعيين الى ممثلين تجاوزت أعمارهم الأربعين، ما أضعف كثيراً تلك الأعمال وضرب صدقيتها عند المشاهد العربي. كثرة الوجوه الجديدة من الممثلين والممثلات الرئيسين تساهم كذلك في التخفيف من التكرار الذي يجعل أسماء محدّدة تتكرّر صورتها في معظم الأعمال المعروضة. وهي ظاهرة جعلت عدداً منهم «يحترق»، خصوصاً وقد تلازم تكرار حضور هؤلاء مع سمات لا تتغير لأدوارهم، جعلت المشاهد يعرف مسبقاً طبيعة الدور والسلوك الذي تلعبه شخصية هذا الممثل أو ذاك. قديماً قيل إنها «لعبة السينما»، واليوم يمكننا أيضاً القول إنها «لعبة التلفزيون». فالأمر هنا وهناك يتعلّق بفن «التشخيص» وهو مصطلح عريق يشير الى علاقة التمثيل بفن «استعارة» شخصيات من الحياة. الاستعارة في هذه الحالة تقتضي انتباهات عدة من بينها العمر والملامح وحتى التكوين الفيزيولوجي، من دون أن ننسى بالطبع إمكانات الممثل وقدراته الفنية والثقافية على إقناع المشاهد و «جرّه» الى قلب اللعبة الدرامية على نحو يحقق الانسجام والتماهي أو ما يقال عادة «الدخول في الجو». ساهمت المعاهد الفنية في اكتشاف كثر من الممثلين المحترفين، لكننا نعتقد أن ذلك لم يكن ميسوراً ولا ممكناً من دون وصول الدراما التلفزيونية في العقدين الماضيين الى مرحلة التحوّل إلى صناعة متكاملة، خصوصاً مع انتشار البث الفضائي العربي ووصوله الى كل البيوت العربية، ما جعل الدراما مادة رئيسة لا تغيب عن تلك القنوات يومياً، بما يعنيه ذلك من اتساع المشاهدة أيضاً.