ترجم المستهلك المصري ما يعايشه من موقف سياسي شديد الالتباس وأوضاع معيشية متدهورة جداً، إلى تدهور لثقته في الاقتصاد، والتي بلغت أدنى مستوياتها في الربع الأخير من عام 2012، وهي الفترة التي شهدت سلسلة من الأحداث السياسية والأمنية. وأشارت نتائج استطلاع أعلنت نتائجه أمس «مؤسسة نيلسن» المختصة في القياس والتحليل، إلى هبوط ثقة المستهلك المصري في الاقتصاد بمعدل تسع نقاط في الربع الأخير من عام 2012، مقارنة بالربع الثالث، لتصل إلى 94 نقطة وهو المعدل ذاته المسجل في الربع الأخير من عام 2011، الذي شهد سلسلة من الأحداث السياسية والأمنية أبرزها أحداث «محمد محمود - 1» واستقالة رئيس الوزراء ومجلسه والانتخابات البرلمانية. وأعلن المدير التنفيذي ل «نيلسن مصر» رام موهان راو، «تسجيل تقلّب واضح خلال العامين الماضيين في انفعالات المستهلك المصري وعاداته، ما يُعدّ رد فعل منطقياً للمشهد السياسي والاقتصادي السريع التغير». وعلى رغم تحسن ثقة المستهلك في السوق في الربع الأول من العام الماضي، لفت إلى أنها «تراجعت في الربع الأخير ما يعكس رد فعل المستهلك المصري على المناخ الاقتصادي الحالي والخطوات الاقتصادية القاسية، التي تعتزم الحكومة تنفيذها». وحذر من استمرار «تدهور ثقة المستهلك في السوق على المدى القريب في حال لم يشعر بتحسن سريع في الاقتصاد». وأظهر الاستطلاع، أن «86 في المئة من المستهلكين قالوا إنهم في حال ركود، بزيادة ستة في المئة على النسبة ذاتها في الربع الثالث. كما تقلّص الشعور بالثقة في إمكان الخروج من هذا الركود خلال سنة». وتبوأت مصر المركز السادس ضمن أكثر عشر دول تشعر شعوبها بالقلق تجاه الاقتصاد. ويأتي افتقاد الاستقرار السياسي في المرتبة الثانية في قائمة ما يثير قلق المصريين، إذ أبدى 29 في المئة من المستَطلعين، «قلقهم الشديد بسبب البلبلة السياسية، ما يجعلهم على رأس شعوب العالم القلقة سياسياً». وتشمل قائمة القلق كذلك الجريمة (12 في المئة)، والإرهاب (12 في المئة) والحرب (عشرة في المئة)، وهي نسب أعلى كثيراً مما كانت عليه قبل الثورة. ووصف نصف المصريين فرص العمل المحلية بأنها «ممتازة» أو «جيدة»، وبذلك انخفضت النسبة بمعدل تسعة في المئة عن الربع الثالث. في حين اعتبر 45 في المئة أنها «سيئة»، بارتفاع 11 في المئة عن الربع الثالث. فيما أكد 57 في المئة ثقتهم في الأحوال المالية الشخصية، بتراجع سبعة في المئة عن الربع الثالث. ورأى 64 في المئة منهم أن هذه السنة «ليست مناسبة لشراء أشياء غير أساسية أو ضرورية». وسجلت أنماط الادخار والإنفاق الاختياري خفضاً في معظم مظاهر الحياة، لكن يظل الادخار أمراً أولوياً لكيفية التصرف في الفائض النقدي، بعد تغطية النفقات الأساسية. وأشار الاستطلاع إلى «انخفاض نسبة شراء الملابس والمنتجات التكنولوجية والإنفاق على العطلات مقارنة بالربع الثالث من العام الماضي». وأعلن 20 في المئة منهم أنهم «لم يعودوا يملكون فائضاً نقدياً بعد شراء لوازمهم الرئيسة». فيما ارتفعت نسبة دفع مستحقات الادخار في صندوق المعاشات. يُذكر أن استطلاعات «نيلسن»، أثبتت تراجع ثقة المستهلك في أربع أسواق من أصل ست في الشرق الأوسط وأفريقيا مقارنة بالربع الثالث. وعلى رغم أن الإمارات والمملكة العربية السعودية، انخفضت فيهما نسبة ثقة المستهلك في السوق نقطة واحدة لكل منهما في الربع الرابع، فإن نتائجهما البالغة 113 و112 على التوالي، لا تزال من أعلى النتائج المسجلة في 58 دولة حول العالم. وتقيس استطلاعات «نيلسن» ثقة المستهلك ونوايا الإنفاق بين عينات ممثلة ممَن لديهم إمكان الدخول إلى شبكة الإنترنت في 58 دولة. وأشارت مستويات ثقة المستهلك التي تتجاوز 100 نقطة أو تقل عنها، إلى درجات التفاؤل والتشاؤم. وأوضح التقرير الأخير، هبوط الثقة في 33 دولة، بينما ظلت ثابتة في ست دول، وارتفعت في 19 دولة في الربع الأخير من عام 2012 مقارنة بها في الربع الثالث.