أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن السعودية استطاعت أن تجرد الفكر المنحرف من الشبهات التي حاول أن يجد له فيها سنداً. وقال: «استطعنا في السعودية أن نجرّد الفكر المنحرف من كل الشبهات التي حاول أن يجد فيها سنداً له، وينشر من خلالها دعايته، بفضل التعاون بين علمائنا وأجهزتنا الأمنية ووسائلنا الإعلامية والثقافية، فكوّنا بذلك جبهة موحّدة عملت على كل المستويات، وفي كل الاتجاهات، لإيجاد تحصين قوي ومستقر في المجتمع من هذه الآفة الدخيلة». وفي كلمة ألقاها نيابة عنه أمير منطقة مكةالمكرمة مشعل بن عبدالله، خلال افتتاحه أمس مؤتمر مكة المكّرمة في دورته ال 15، الذي تنظّمه رابطة العالم الإسلامي، بعنوان: «الثقافة الإسلامية: الأصالة والمعاصرة» شدد الملك عبدالله على أن «الثقافة الإسلامية هي التي تعرّف بالأمة، وتحدّد وجهتها الحضارية، وتربط أطرافها بعضها ببعض». (لقراءة نص الكلمة) وأضاف إن «الثقافة الإسلامية هي التي توحّد الأمة، وتصل بين شعوبها ودولها، فينبغي أن يعطى لها ولمكونها الأساسي، وهو الدين، اهتمام أساسي في الاعتناء بالثقافات المحلية والوطنية وتنميتها، وبذلك يكون الانتماء الوطني مؤسّساً على الانتماء الإسلامي في مختلف البلدان الإسلامية». وزاد: «أمتنا الإسلامية أمة كاملة الشخصية، لها تجربتها الحضارية المشرقة، وسجلها التراثي الزاخر، إضافة إلى تميزها عن غيرها بكونها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، وتحمل رسالة الله العالمية الخاتمة، وهي رسالة نور ورحمة». وشدّد خادم الحرمين الشريفين على أن «الواجب على الأمة الإسلامية أن تتمسك بثقافتها، وتدافع عنها بالطرق المشروعة. وفاؤها بالتزاماتها في التعاون الدولي والإنساني، لا يتعارض مع خصوصيتها الثقافية، ذلك أن التنمية البشرية، وما يتصل بها من مفاهيم كالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، لا يجوز أن تكون خارجة عن إطار البيئة الثقافية للأمة، وصلتنا بثقافتنا تتطلب موازنة بين جانبي الأصالة والمعاصرة فيها». وتابع: «المعاصرة هي الاتصال الفاعل بعصرنا، والتعامل مع مشكلاته وملابساته، والاستفادة مما يتوافر فيه من تطورات في العلوم والمعارف ونظم الحياة المختلفة، وذلك يقتضي إقامة علاقات إيجابية مع الآخرين، للتعايش والتعاون في فضاء المشترك الإنساني الواسع». ونبه إلى إن «الوفاء بمتطلبات المعاصرة لا يتعارض مع التمسك بالجانب الثابت من ثقافتنا، وهو ديننا ولغتنا العربية وقيمنا العربية الإسلامية، وذلك يتطلب منا الاعتزاز بتراثنا والاهتمام به والاستفادة منه في تنظيم شؤون حياتنا. واليوم تعيش أمتنا واقعاً ثقافياً مضطرباً، يحتاج منكم أيها العلماء والدعاة وأصحاب الأقلام أن تدرسوه دراسة ضافية، وتتتبَّعوا أسباب الخلل فيه، وتعالجوها بالحكمة والحجج المقنعة، حتى يستقيم على المنهاج الصحيح الذي يتصف بالوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والعنف والإرهاب». وزاد أن «الأمر يتطلب تنسيقاً تتكامل فيه الجهود، ويتحقّق فيه التعاون في وضع البرامج والخطط التي تنشر الوعي الصحيح، وتحارب الفكر المنحرف، وتصحّح التصورات الخاطئة في المفاهيم الإسلامية». وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمته: «لئن كان التفريط في الثقافة الإسلامية والتقصير في حمايتها، أحد العوامل التي أوقعت بعض أوطاننا العربية والإسلامية في دوّامة من المشكلات، فإن الاستقرار الذي تنعم به المملكة، والحمد لله، يستند إلى محافظتها على ثقافتها التي هي الثقافة الإسلامية. وسنستمر بإذن الله على هذا المسار الذي تأسّست عليه المملكة، وقد استطعنا بتوفيق الله أن نصل إلى معادلة التوفيق بين الأصالة والمعاصرة في المسألة الثقافية، فلم يمنعنا التمسك بأصالتنا وبناء منهجنا عليها، من مواكبة العصر والاستفادة من كل إبداعاته وتطوراته المفيدة التي لا ضرر فيها على ديننا وأخلاقنا، ولم نجد في هذه المواكبة الواعية المُرَشَّدَةِ، ما يؤثر في هويتنا وانتمائنا لأمتنا وتراثها وحضارتها المشرقة».