يتسلّم رئيس الوزراء النروجي السابق ينس ستولتنبرغ الأربعاء مهامه على رأس "حلف شمال الأطلسي" الذي سيكون عليه أن يثبت في السنوات القادمة قدرته على مواجهة التحدي الروسي وإقناع الحلفاء بزيادة الإنفاق على جيوشهم. والأمين العام الجديد ل"ناتو"، أقام علاقات وثيقة مع روسيا خلال حياته السياسية الطويلة، وهي ورقة ستساعده على تحسين العلاقات الفاترة بين الحلف وموسكو. درس ستولتنبرغ (55 عاماً) الاقتصاد ولم يكن أبداً من متابعي قضايا الدفاع والأمن بشكل خاص، لكن السنوات العشر التي أمضاها في السلطة، مترئساً مختلف الحكومات، ساهمت في إثراء علاقاته الدولية وخبرته في التفاوض. بدأ رئيس الوزراء النروجي السابق مسيرته السياسية في الأوساط الراديكالية المعارضة للحلف قبل أن يصبح مؤيداً للتوافق الذي من الممكن أن يتبلور اليوم عبر علاقات جيدة مع القادة الروس. هو أول أمين عام "للحلف الأطلسي" يتحدر من دولة حدودية مع روسيا، والمسؤول العمالي على علاقة جيّدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبرئيس الحكومة ديمتري مدفيديف. وفي عهده، أبرمت النروج وروسيا اتفاقات مهمة حول رسم حدودهما في بحر بارنتس وإعفاء شعبي البلدين من تأشيرات الدخول. وقال الخبير في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في بروكسل فيفين بيرتوسو "من الصعب جداً استباق الطريقة التي سيتصرف فيها نظراً لماضية الإيجابي مع موسكو"، مضيفاً انه "يلتزم الصمت في الأشهر الأخيرة منذ إعلان تعيينه. هل سيعتمد موقفاً حازماً بدرجة كافية قريبة من سلفه الدنماركي آندرس فوغ راسموسين أو سيعمل على التهدئة؟" وعلى الرغم من الأحداث الجيوسياسية الكبيرة في أوكرانيا وسورية وليبيا وأفغانستان، وكلها دول تهمّ "الحلف الأطلسي" التزم ستولتنبرغ الصمت الكامل. في شبابه، ناضل ستولتنبرغ ضد "حلف الأطلسي" والمجموعة الأوروبية، الهيئتان اللتان أصبح لاحقاً مؤيداً لهما. وفي شبابه أيضاً، رشق بالحجارة السفارة الأميركية رداً على قصف سلاح الجو الأميركي في العام 1973 لهايبونغ. وفي العام 1985، تولى رئاسة "حركة الشباب العمالية" التي كانت تدعو آنذاك الى خروج النروج من الحلف. وتحت إشرافه أيضاً، أصبحت هذه الحركة مؤيدة في نهاية الأمر للحلف. وعندما كان وزيراً، احتج ستولتنبرغ على التجارب النووية الفرنسية في موروروا عبر مشاركته في سباق دراجات هوائية بين أوسلو وباريس في العام 1995. نشأ ستولتنبرغ في عائلة سياسية. فوالده كان وزيراً للدفاع ثم للخارجية ووالدته وزيرة دولة. وهو متزوج وله ولدان وخصّص القسم الأكبر من مسيرته للسياسة. انتُخب نائباً في العام 1991 ثم أصبح وزيراً للطاقة وبعدها للمالية. وفي العام 2000 غداة عيد ميلاده الحادي والأربعين، أصبح أصغر رئيس للحكومة في النروج، لكنه تولى هذا المنصب لفترة قصيرة، ثم عاد لرئاسة الحكومة في العام 2005 ولغاية تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. خلال رئاسته للحكومة، شاركت النروج في الحرب في أفغانستان وفي الضربات الجوية على ليبيا ضد نظام معمر القذافي. يحظى ستولتنبرغ بشعبية كبيرة في بلاده ونال تقديراً كبيراً في العالم، حين دعا الى "المزيد من الديموقراطية" و"المزيد من الإنسانية" في وجه الهجمات المتطرفة التي نفذها أندرس بريفيك الذي قتل 77 شخصاً في 22 تموز (يوليو) 2011. بات يُتقن في الآونة الأخيرة سبل التوصل الى تسويات، ما دفع البعض إلى انتقاده واعتباره يهرب من النزاع. وفق وسائل الإعلام النروجية، فإن المستشارة الألمانية انغيلا ميركل هي التي اقترحت ترشيح ستولتنبرغ لتولي منصب الأمين العام ل"حلف شمال الأطلسي"، اقتراح لقي تأييد الرئيس الأميركي باراك أوباما فوراً.