الآن، بات يدرك الجميع مدى قسوة الثري الروسي رومان أبراموفيتش بكل ما يتعلق بناديه تشلسي، فلا أحد محصون أو فوق الإقالة والبيع، حتى من جلب له أغلى الألقاب، وجد نفسه مهمشاً وخارج أسوار «البلوز». أبراموفيتش يدرك أن المال ليس عقبة أمام تحقيق النجاحات في عالم كرة القدم، لكنه يدرك أيضاً أن صرف المال من دون حساب أيضاً مزعج في بعض الأحيان، فمن هنا سيفكر البليونير الروسي كثيراً قبل أخذ قرار التخلي عن مهاجمه العقيم فيرناندو توريس الذي كلف شراؤه قبل عامين 50 مليون جنيه، لكن ما سجله توريس في 9 أشهر فعله المهاجم الجديد في الفريق السنغالي ديمبا با في 61 دقيقة فقط، وهو تسجيل هدفين لتشلسي، ولم يكلف أكثر من 7.5 مليون جنيه لضمه من نيوكاسل خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية. توريس شهد أربعة مدربين خلال فترة العامين اللذين أمضاهما مع الفريق، لكن عقمه التهديفي استمر، على رغم تحسنه مع مدربه السابق في ليفربول، وأبيه الروحي رافا بنيتيز الذي سجل تشلسي الآن بقيادته 23 هدفاً في آخر 8 مباريات، لكن ماذا سيفعل أبراموفيتش بتوريس، خصوصاً أن اسم النادي ارتبط أيضاً بضم النجم الكولومبي راداميل فالكاو من إتلتيكو مدريد الصيف المقبل؟ أبراموفيتش يدرك أن لا مجال للعاطفة في عالم اللعبة، ربما قسوته تنبع من الرغبة الجامحة في تحقيق النجاحات للبلوز، فهو أصدر قرارات الموسم الماضي برحيل بعض من رموز البلوز، على رأسهم ديدييه دروغبا ونيكولاس أنيلكا، وأكد النادي أخيراً أن فرانك لامبارد سيرحل في نهاية الموسم الذي سجل 194 هدفاً خلال مسيرته مع البلوز التي طالت تسعة أعوام. وخلال حقبة أبراموفيتش التي بدأت قبل 10 أعوام، ضم الفريق ما لا يقل عن ستة مهاجمين بأكثر من 15 مليون جنيه لكل منهم، بينهم اثنان كلفا 80 مليوناً، لكن با يبدو «لقطة» مقارنة بكل المهاجمين الذين سبقوه، فهو لا يتخلف على قمة لائحة الترتيب في منتصف الموسم سوى أمام روبن فان بيرسي ولويس سواريز، على رغم أن أهدافه جاءت مع فريق عانى هذا الموسم هو نيوكاسل. وما يتميز به با عن توريس أنه أعاد اكتشاف غريزته التهديفية التي اختفت في النصف الثاني من الموسم الماضي، في حين أن توريس ما زال يبحث عنها منذ 2008، حتى أن الإسباني احتاج إلى 14 مباراة و732 دقيقة من اللعب، كي يفتتح التسجيل في مسيرته مع تشلسي، في حين تطلب الأمر 35 دقيقة فقط ليفعل ذلك، مقارنة بين قدرات المهاجمين سنجد أن با يتفوق في الألعاب الهوائية، وهو أسرع بالركض نحو الكرة ومباغتة المدافعين، حتى أن الأرقام تؤيد با بقدرته على التسجيل من أوضاع صعبة ومن إنصاف الفرص. الجميع يدرك أن الوحيد الذي يستطيع إعادة توريس إلى وهجه السابق هو بنيتيز، لكن مدرب البلوز الجديد بحاجة إلى أهداف كي يقنع المالك بأحقيته في البقاء مدرباً إلى أبعد من نهاية الموسم، وهذا ما لم يثبته توريس الذي بدأ 32 مباراة من أصل 35 لعبها تشلسي هذا الموسم، وقد يجد في با خياره الهجومي الأول. فهل يعضّ أبراموفيتش على أصابعه ندامة مرة أخرى، ويسمح لنجم كلفته 50 مليوناً بالرحيل بأقل من نصف هذا الثمن، مثلما فعل مع الأوكراني إندريه شيفشنكو الذي كلف النادي أكثر من 30 مليون جنيه في 2006 ورحل مجاناً؟.