بعد عشرين عاماً من اعتقال الزوج أسامة السيلاوي من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، والحكم عليه بالسجن المؤبد، شعر وزوجته رماح التي عاش معها عاماً ونصف العام فقط أنجبا خلاله طفلة وحيدة، بحاجتهما الى طفل. ولم يجد الزوجان اللذان تفصل بينهما جدران وأسوار وقضبان سوى وسيلة واحدة: تهريب حيوان منوي من الزوج وإجراء عملية أطفال أنابيب. أسامة ورماح ليسا حالة فريدة، فمثلهما العشرات من عائلات الأسرى الفلسطينيين الذين تأكل القضبان أعمارهم، ولا تبقي لهم الكثير من الأمل للعيش حياة طبيعية، يستطيعون خلالها أنجاب أطفال وتكوين أسر. وأعلن مركز رزان لأطفال الأنابيب في نابلس أول من امس عن خمس حالات حمل وولادة مماثلة في أسر أسرى بالطريقة نفسها، بينها حالة أنجبت طفلاً العام الماضي. وقال مدير المركز الدكتور سالم أبو خيزران الذي يجري هذه العمليات مجاناً لعائلات الأسرى تضامناً معهم، إنه يتعامل حالياً مع 22 حالة أطفال أنابيب لأسرى خلف القضبان، وأن لديه بين 30-40 عينة أخرى مجمدة في المركز لإجراء عمليات مماثلة. وأضاف أن أهالي الأسرى ينقلون العينات إلى المركز بعد زيارة أبنائهم في السجون، وأن العينات القوية تبقى حية لنحو 12 ساعة، لكن العينات الضعيفة تموت خلال اقل من نصف ساعة. وأحيت عمليات الحمل بواسطة أطفال الأنابيب، الأمل في بيوت الكثير من الأسرى الذين يمضون أحكاماً بالسجن تصل إلى مؤبدات عدة. وقالت دلال الزبن، زوجة الأسير عمار الزبن، التي انجبت بهذه الطريقة في آب (اغسطس) الماضي، إن ابنها البالغ من العمر ستة أشهر «ملأ البيت بالحياة». وأضافت: «قبل قدومه كانت حياتي مملة، البيت يغرق في الصمت، لكن اليوم أصبح البيت شعلة حياة». وكان الزبن اعتقل عام 1996 وحكم عليه بالسجن المؤبد 27 مرة على خلفية دوره في عمليات «استشهادية» نفذتها حركة «حماس». وتعتقل إسرائيل خمسة آلاف أسير فلسطيني بينهم المئات من المحكومين بالسجن بالمؤبد. وترك بعض هؤلاء الأسرى خلفهم نساء في انتظارهم. وقالت سلام نزال زوجة الأسير علي نزال المحكوم بالسجن 20 عاماً، وإحدى النساء الحوامل بطريقة أطفال الأنابيب: «أزواجنا اعتقلوا وهم في المقاومة، ونحن النساء لنا دور في المقاومة هو حماية الأسرى وانتظار عودتهم». وترفض السلطات الإسرائيلية السماح للأسرى الفلسطينيين بخلوة مع زوجاتهم، وفي كثير من الحالات ترفض السماح لزوجاتهم بزيارتهم، ومنهم سلام، التي تقول إنها لم تتمكن من رؤية زوجها منذ اعتقاله قبل ست سنوات، وإن ابنتيها الصغيرتين هن فقط من يزرنه. وكذلك الأمر بالنسبة إلى رماج السيلاوي، التي تقول إنها ممنوعه من زيارة زوجها، وإن ابنتها الوحيدة البالغة من العمر 20 عاماً هي سنوات عمر والدها خلف القضبان، هي التي تزوره. وفتح نجاح حالات الحمل عبر أطفال الأنابيب الأمل لدى كثير من الأسرى ونسائهم التي تتراجع فرصهن في الحمل الطبيعي مع الزمن. وقال الدكتور سالم: «فرصة المرأة في الحمل بعد سن الأربعين تتضاءل، وهذه الوسيلة تشكل الفرصة الوحيدة لنساء الأسرى الذين يمضون سنين طويلة خلف القضبان». وقال إن فرص النجاح في هذه الحلات تبلغ 30 في المئة فقط بسبب ظروف نقل العينات، وهي أقل من نسب النجاح الطبيعية في هذه الوسيلة، والتي تصل الى 45 في المئة.