صعّدت الخرطوم أمس لهجتها تجاه دولة الجنوب واتهمتها بالتراجع عن الاتفاقات الموقعة بينهما، وطالبتها بسحب قواتها من ست مناطق على الحدود، ولمّحت إلى إمكان استعادتها بالقوة، فيما استمرت المواجهات في دارفور، وجدد المتمردون اتهام السلطات هناك باستضافة مسلحين إسلاميين قدموا من مالي. وناقش مجلس الوزراء السوداني في اجتماعه أمس برئاسة نائب الرئيس علي عثمان طه تقريراً عن نتائج المفاوضات التي أجريت أخيراً بين السودان وجنوب السودان، طرحه وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم حسين موضحاً أن المحادثات هدفت إلى تنفيذ اتفاقات التعاون بين البلدين وخصوصاً ترسيم الحدود والترتيبات المتعلقة بأبيي المتنازع عليها بينهما. وقال الناطق باسم مجلس الوزراء عمر محمد صالح إن تقرير وزير الدفاع اتهم حكومة الجنوب بالتراجع عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ورفضها اعتبار منطقة «14 ميل» الحدودية منطقة منزوعة السلاح متهماً مفاوضيها بالإصرار على تنفيذ الاتفاقات في شكل انتقائي وجزئي واستبعاد الاتفاق الأمني الذي تعتبره الخرطوم ضرورياً لاستقرار الأوضاع الأمنية والمفتاح الأساسي لإقامة علاقات طبيعية بين الدولتين. وذكر أن التقرير أشار إلى تبني حكومة جنوب السودان مقترحاً يستبعد قبيلة المسيرية العربية من المشاركة في الاستفتاء على تحديد مستقبل منطقة أبيي، واقتصاره على قبيلة دينكا نقوك الأفريقية. وفي السياق ذاته، أكد مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع «جاهزية الشعب السوداني وقواته المسلحة للتصدي لأي عدوان على أراضي الوطن ومقدراته». وقال في تصريح عقب ترؤسه اجتماع المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ليل الأربعاء - الخميس في حضور نائبي رئيس الجمهورية: «نحن مستعدون في شكل قاطع على مستوى الشعب وقواته المسلحة والحزب لتطهير بقاع السودان كافة وتحرير الأراضي كافة إذا حاول أحد العبث بها أو احتلالها». وأوضح نافع أن الاجتماع ناقش العلاقة مع الجنوب وأقر صوغ تقرير عن موقف الحزب. ورداً على وجود حشود من جيش جنوب السودان على الحدود، أكد نافع قدرة الجيش والمجاهدين ومتطوعي حزبه «التصدي لأي عدوان محتمل على الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن الجيش سيطر على كل الأراضي من أيدي المتمردين، كما يفعل الآن في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. إلى ذلك، أعلن الجيش السوداني أنه قرر إطلاق خمسة من جنود جيش جنوب السودان كان اعتقلهم منتصف العام الماضي في منطقة كفن دبي في ولاية جنوب دارفور أثناء ما قال إنها محاولات من الجيش الشعبي الجنوبي للتوغل شمالاً. وقال الناطق باسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد إن الأسرى سيسلمون إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاثنين المقبل في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور لترحيلهم إلى جوبا في إطار إبراز حسن النيات تجاه دولة الجنوب. وفي ملف دارفور، أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن والدفاع في البرلمان محمد حسن الأمين أن قوات الجيش تمكنت من تحرير مدينة قولو في جبل مرة بدارفور بعد أيام من سيطرة متمردي «حركة تحرير السودان» فصيل عبدالواحد محمد نور على المنطقة التي انطلق منها التمرد قبل حوالى عشرة أعوام. ودعا الأمين حاملي السلاح إلى العودة للحوار. وفي المقابل، قالت «حركة تحرير السودان» فصيل مني أركو مناوي إنها نصبت مكمناً للقوات الحكومية بالقرب من الفاشر عاصمة شمال دارفور وقتلت عدداً من أفرادها وأسرت ثلاثة جنود واستولت على أربع سيارات بكامل عتادها العسكري. وقال الناطق باسم الحركة عبدالله مرسال إن القوات الحكومية فرت إلى داخل مدينة الفاشر. وفي الشأن ذاته، قال مسؤول الإعلام في تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية» أبو القاسم إمام إن محاربي «القاعدة» والإسلاميين المتشددين في مالي الموالين ل «أنصار الدين» دخلوا ولاية شمال دارفور وطالب المجتمع الدولي بالتدخل وملاحقتهم داخل الأراضي السودانية. وأكد أبو القاسم إمام أن المتشددين دخلوا الأراضي السودانية عبر الكفرة الليبية وبأعداد كبيرة وسيارات محملة بالأسلحة الثقيلة (يفوق عددها 60 سيارة)، مشيراً إلى أن الخطوة اكتملت بتوجيه وتنسيق مع نظام الخرطوم وحكومة ولاية شمال دارفور التي استقبلت المجموعة. وأضاف: «أن المجموعة الهاربة من مالي تمركزت في جبل ماري بمنطقة ملاقات على بعد 15 كيلومتراً شمال شرقي مدينة كتم، وخلقت حال ذعر وهلع وسط المدنيين في المنطقة». لكن الخرطوم نفت ذلك في شدة مؤكدة أنه لم تدخل أية قوات أجنبية إلى غرب البلاد.