بدأت الشركات المكسيكية معركتها مع الصين لأسباب تجارية بحتة تراكمت منذ أصبحت الأخيرة عضواً في منظمة التجارة العالمية عام 2001. ويكفي النظر إلى الأموال الطائلة التي تدفعها حكومة بكين إلى الشركات الوطنية المنتجة للألبسة التي تبيع منتجاتها في العالم بمبالغ زهيدة. وفي حين نجحت دول مثل البرازيل والأرجنتين وفنزويلا في استغلال الطلب الصيني على النفط والحديد والصويا، تراهن المكسيك على اتفاق التجارة الحرة «نافتا» الذي أبرم عام 1994 مع الولاياتالمتحدة وكندا. وبذلك نجحت الحكومة المكسيكية في اعتماد نموذج اقتصادي يعمل على تصدير منتجات رخيصة الكلفة بما يجعلها المنافِسة الأبرز للمنتجات الصينية. ورأى خبراء سويسريون أن المنافسة التجارية بين المكسيك والصين ساهمت في خلق موجة من التحفظ لدى الشركات المكسيكية التي تعارض تحول المكسيك إلى مستوطنة تجارية صينية أو معبراً للمنتجات الصينية إلى الأسواق الأميركية. وحققت المكسيك تقدماً تنافسياً لافتاً على الصين، حيث بدأت المعاشات ترتفع إلى جانب زيادة تكاليف النقل عالمياً. ولفت محللون إلى أن معاشات الموظفين في المكسيك كانت أعلى بنحو أربعة أضعاف مقارنة بمعاشات موظفي الصين عام 2001، أما اليوم فالفارق لا يتجاوز 30 في المئة، وفي حال احتساب التكاليف اللوجستية يختفي هذا الفارق لصالح الشركات المكسيكية. ويحرز المحرك الإنتاجي المكسيكي تقدماً رائعاً، فمثلاً كلفة الثلاجات التي تُنتج في المكسيك وتُسوَّق في الولاياتالمتحدة أقل ب10 في المئة مقارنة بالثلاجات الصينية. ولا شك في أن الصين ما زالت أبرز المصنعين في الأسواق الأميركية الشمالية، بيد أن المكسيك نجحت بعد مرور 10 سنين في صد الزحف الصيني، ما يدل على أنها ستصبح قريباً المنافسة الأولى للصين ومؤهلة لغزو الأسواق الأوروبية والسويسرية على الأمد المتوسط. مقارنة وأفاد مراقبون أوروبيون بأن الصادرات الصينية إلى الولاياتالمتحدة استحوذت على 17.9 في المئة من إجمالي حركة الواردات الأميركية، مقارنة بنحو 12.3 في المئة من الصادرات المكسيكية إلى أميركا الشمالية. وتوقع خبراء أن تصل المعادلة إلى 15.8 في المئة لمصلحة الصادرات الصينية و16 في المئة للمكسيكية عام 2018. وأشار أساتذة اقتصاد في جامعة برن إلى أن ما يجري مع وزارة الاقتصاد المكسيكي، التي وقعت اتفاقات مع أوروبا لدعم الشركات المكسيكية الصغيرة والمتوسطة، يعتبر ثورة كبرى ستطاول قطاعات تكنولوجية إستراتيجية، منها صناعة السيارات والكومبيوتر والأدوات الكهربائية المنزلية إلى جانب الصناعة الفضائية. وتصدر المكسيك 25 في المئة من السيارات التي تصل إلى الأسواق الأميركية، في حين تعتزم شركة «نيسان» اليابانية نقل إنتاج سيارة «فيات 500» الصفراء، التي يستخدمها سائقو سيارات الأجرة في نيويورك، إلى مدينة تولوكا المكسيكية. وفي ما يتعلق بالشركات الأوروبية، تتحرك شركة «فولكسفاغن» لإنتاج السيارة الأكثر مبيعاً لديها، أي «غولف»، إلى المكسيك. ونظراً إلى مستوى البنية التحتية المكسيكية المتطور، أصبحت الأنسجة الصناعية المكسيكية منافساً قوياً لجهة التكاليف والاتفاقات الضريبية مع أميركا الشمالية، ما سيشجع رجال الأعمال السويسريين على نقل أعمالهم إلى المكسيك بهدف الدخول إلى الأسواق الأميركية الشمالية. ويعتزم رجال أعمال سويسريون ترسيخ أعمالهم في المكسيك عبر الصناعات الكيماوية والخدمات المالية وصناعة الماكينات.