انشغل الوسط السياسي في لبنان أمس بمواكبة ردود الفعل على طلب المدعي العام التمييزي القاضي حاتم ماضي رفع الحصانة عن النائب في قوى 14 آذار بطرس حرب على خلفية اتهامه ب «الإساءة الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان وإهانة القضاء»، والذي قوبل بحملة تضامن واسعة مع النائب حرب تجاوزت حلفاءه الى وزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وشخصيات من الأكثرية الذين اتصلوا به، فيما أبدى سليمان عدم ارتياحه الى الزج باسمه في طلب رفع الحصانة، مستغرباً، كما تقول مصادر رسمية، إقحامه في هذا الملف. لكن الانشغال بقضية طلب رفع الحصانة عن حرب لم يصرف الأنظار عن تعزيز الوحدات العسكرية في الجيش اللبناني انتشارها في بلدة عرسال البقاعية، وعند المداخل المؤدية إليها، بحثاً عن المطلوبين في الاعتداء الذي استهدف دورية عسكرية الجمعة الماضي، وأدى الى استشهاد الرائد بيار بشعلاني والرقيب إبراهيم زهرمان بعدما تردد أن عددهم ارتفع الى أكثر من 80 شخصاً مشتبهاً بمشاركتهم في الاعتداء وأن استنابات قضائية ستصدر قريباً بحقهم للتحقيق معهم أمام القضاء العسكري لجلاء الحقيقة حول مسؤوليتهم في استهداف دورية الجيش. ولقي تعزيز انتشار الجيش في عرسال ترحيباً من شباب البلدة وأطفالها الذين خرجوا أمس من مدارسهم لملاقاة الجنود وتقديم الزهور لهم على وقع النشيد الوطني اللبناني. وهذا ما دفع رئيس الحكومة السابق زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري الى التعبير عن ارتياحه الى مشهد استقبال العسكريين مؤكداً ل «الحياة» أنه «الموقف الحقيقي للبلدة من الجيش اللبناني وأن أهالي عرسال أرادوا من خلاله الرد على الذين يراهنون على إحداث فتنة بينهم وبين المؤسسة العسكرية». وتوافق الحريري في الموقف مع رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط الذي أوفد أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر الى وزارة الدفاع ناقلاً منه رسالة تعزية الى قائد الجيش العماد جان قهوجي، وذلك عبر دعوتهما الى الالتفاف حول الجيش وضرورة تحقيق شفاف يحدد المسؤوليات بشكل لا يقبل الشك ويحاسب المسؤولين عن الارتكابات التي وقعت بعيداً من التشفي والانتقام. وفي هذا السياق علمت «الحياة» أن الحريري أجرى ليل أول من أمس اتصالين بكل من رئيس الجمهورية وقائد الجيش كما شدد في اتصالاته بعدد من النواب على تعاون أهل عرسال وفعالياتها مع الجيش لكي تأخذ العدالة مجراها، داعياً في الوقت نفسه الى «الكف عن التحريض ومحاولة تحصيل المكاسب الرخيصة على حساب دماء شهداء الجيش اللبناني وأهل عرسال وكرامتهم». وكان عدد من زوار العماد قهوجي نقلوا عنه: «نحن نتعاطى مع الاعتداء على دورية للجيش اللبناني بحسم وبهدوء، لأننا حريصون على الحفاظ على السلم الأهلي وحماية الاستقرار العام في البلد وقطع الطريق على من يحاول إقحامه في مسلسل من الفوضى»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة سوق المتهمين الى العدالة. ويتوقع ان يطغى استهداف الجيش في عرسال واستمرار حجب حركة الاتصالات «الداتا» عن الأجهزة الأمنية وطلب رفع الحصانة عن النائب حرب على جلسة مجلس الوزراء قبل ظهر اليوم برئاسة ميقاتي. وكانت قضية رفع الحصانة عن حرب موضع اتصالات بين رئيسي الجمهورية والبرلمان نبيه بري، إضافة الى وزير العدل شكيب قرطباوي. ورأى حرب في مؤتمر صحافي حاشد عقده ظهر أمس أن «القاضي ماضي ماضٍ في إتمام الصفقة وأن المفاجأة كانت في طلب رفع الحصانة عني ما جعل المعتدى عليه مشتبهاً به والمشتبه به حراً طليقاً بتواطؤ السيد ماضي». وشدد حرب على طلبه شخصياً رفع الحصانة عنه، وقال إن موقفه من ماضي هو موقف حصري من شخصه «وليس كما حاول أن يوحي عبر احتمائه وراء رئاسة الجمهورية والقضاء»، وأنه فوجئ ببرودته في التعاطي مع محاولة اغتياله. وكشف أن ماضي «بعد إيداعه ملف المتهم بمحاولة اغتيالي محمود الحايك بدأ يتكلم عن حل يقضي بتسليم أحد الأشخاص الى فرع المعلومات للتحقيق معه اسمه محمود الحايك من دون التأكد من صحة هويته أو بصماته وهذا ما رفض لأنه من الممكن أن يكون هذا الشخص منتحل صفة». وأكد أنه سيدعي على ماضي أمام القضاء. وفي المقابل، اكتفى ماضي في رده على حرب بإصدار بيان مقتضب قال فيه: «أنا لا أتقن لغة الشتائم وإذا قررت الرد سأرد بطريقة حضارية وقانونية». فيما تردد أن وزير العدل يميل الى الاحتفاظ بطلب رفع الحصانة وكأنه لم يكن، وهذا ما لفت إليه بقوله إنه سيقرأ الأوراق بروية وسيتخذ قراره في ضوء الاعتبارات القانونية فقط.