احتشد آلاف من الحوثيين في صنعاء أمس في جمعة أطلقوا عليها «جمعة النصر» مؤكدين استمرار نشاطاتهم الثورية في العاصمة اليمنية بعد أيام على سقوطها في قبضتهم، فيما تفاقمت المخاوف من تداعيات انتهاكات يمارسها مسلحو جماعة الحوثي. وكانت واشنطن أعلنت خفض موظفي سفارتها في صنعاء وحذرت الأميركيين من السفر إلى اليمن، في ظل توقعات بتفاقم الأوضاع الأمنية، بخاصة بعد دخول تنظيم «القاعدة» على خط الأزمة وتهديده بشن حرب على الحوثيين. وقالت مصادر خليجية ل»الحياة» إن دول مجلس التعاون الخليجي دعت الولاياتالمتحدة أثناء اجتماع على مستوى وزراء الخارجية مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى «فرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والحوثيين في اليمن» من خلال تبني قرار في مجلس الأمن، بسبب مسؤولية صالح والحوثيين عن تقويض العملية السياسية في اليمن وتطبيق نتائج الحوار الوطني. وجاءت هذه التطورات غداة خطاب للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لمناسبة الذكرى الثانية والخمسين ل «ثورة 26 سبتمبر» حضّ فيها الحوثيين على الانسحاب من صنعاء، مندداً بنهبهم أسلحة الجيش ومنازل مواطنين ومعتبراً ذلك خرقاً لاتفاق «السلم والشراكة الوطنية». وفيما أكد مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بنعمر أن الأوضاع باتت أكثر تعقيداً، في ظل سيطرة الحوثيين على صنعاء ونهب مخازن أسلحة الجيش وخروج مناطق كثيرة عن سيطرة الدولة اليمنية، اتهم ناشطون الحوثيين أمس ب «اقتحام مساجد في العاصمة وفرض أئمة فيها موالين لهم». واعتبر هؤلاء الناشطون ما يحصل «اعتداء على الحريات المذهبية وتحريضاً على الفتنة الطائفية». ودعت الولاياتالمتحدة ليل الخميس بعض ديبلوماسييها في اليمن إلى مغادرته، وأكدت الخارجية الأميركية أن الأوضاع الأمنية في هذا البلد تشهد تدهوراً مستمراً إثر ما سمته «حركة التمرد» التي يتزعمها الحوثيون وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، لكنها أكدت إن السفارة ستظل مفتوحة وأن انتقال بعض الديبلوماسيين «موقت». وزاد القلق من تدهور امني واسع تهديد تنظيم «القاعدة» في اليمن بهجمات انتقامية ضد الحوثيين تجعل «رقابهم تتطاير وأشلاءهم تتناثر»، دفاعاً عن «أهل السنة» وجاء في بيان للتنظيم بثته مواقع تابعة له على الإنترنت : «اعلموا يا أهل السنّة أننا إخوتكم تنظيم قاعدة الجهاد قد سللنا السيوف الحداد للدفاع عنكم والذود عن حياضكم، ونقول للرافضة جئناكم بما لاطاقة لكم به (...) فوالله لنجعلن ليلكم نهاراً وصبحكم ناراً، ولترون أشلاءكم تتناثر ورؤوسكم تتطاير». إلى ذلك اتهم الرئيس عبد ربه منصورهادي، في خطاب بثه التلفزيون الحكومي ليل الخميس، ضمناً جماعة الحوثيين بخرق اتفاق التسوية، مشيراً إلى تواطؤ اطراف لم يحددها، معهم. وقال:» خُذلنا من قِبل من لم يعرفوا أبداً في الوطن سوى مصالحِهم، ولم تتطهّر أرواحُهم باسمِ اليمن، فأكَلوا من كبده الطرية، وثأَروا منهُ معتقدينَ أنهم يثأرونَ لأنفِسهم، فتخلّوا عن مسؤوليِاتهم». ودعا هادي اليمنيين إلى الخروج من صدمة سيطرة الحوثيين على صنعاء، معتبراً أن «المدَخل الحقيقيّ والشرعيّ لتطبيقِ الاتفاقيةِ» مع جماعة الحوثيين هو «الاعترافُ بالسيادةِ الكاملةِ للدولةِ على كل أراضِيها ومناطقِها وفي المقدمةِ عاصمُتها صنعاء وتسليمُ كل المؤسساتِ والأسلحةِ المنهوبة». في المقابل عبّر الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن أسفه للأحداث الأخيرة، متهماً الدولة بالتقصير في واجباتها. وقال في كلمة له لمناسبة ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» «إنه لمن المحزن أن يأتي عيد الثورة في هذه الأيام في ظل أجواء مشحونة بالقلق والخوف من الآتي المجهول في ظل غياب واضح لدور الدولة وتخليها عن مسؤولياتها الدينية والوطنية والدستورية في الحفاظ على الوطن وتأمين المواطنين، وفي التصدي لكل الأخطار المحدقة بالبلاد».