تفاوتت امس ردود الفعل على المواقف التي اطلقها الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري في ما يتعلق بقانون الانتخاب والزواج المدني. وفيما رحبت شخصيات في «قوى 14 آذار» بمواقفه ومبادرته للقانون الانتخابي، اعتبر نواب من تكتل «التغيير والإصلاح» ان الحريري «لم يقدم جديداً» بل تحدث بعضهم عن مواقفه «العبثية». وكان الابرز شن رجال دين عبر خطب الجمعة حملة على الزواج المدني تماهياً مع موقف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. ووصف النائب بطرس حرب موقف الحريري ب «الشجاع من قضيتي الزواج المدني وقانون الانتخاب ويدل على التصميم والجرأة اللذين يمكننا الرهان عليهما في شخصه لنقل المجتمع من حال الانغلاق المذهبي والطائفي إلى حال الانفتاح الوطني والدولة العلمانية والمدنية». وعن مبادرته الانتخابية، رأى ان الحريري «حاول في عرضه التوفيق بين التزام الموقف السياسي الذي سبق لتيار المستقبل إعلانه بتأييد الدوائر الصغرى التي اقترحها حلفاؤه من كتائب وقوات ومستقلين، واعتماد نظام الخمسين دائرة الذي يمكن أن يؤمن صحة التمثيل لكل اللبنانيين، ولا سيما المسيحيين منهم، كما ان طرحه إنشاء مجلس الشيوخ الآن وقبل الموعد المحدد في اتفاق الطائف، أي بعد انتخاب المجلس النيابي خارج القيد الطائفي وبعد إلغاء المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، يشكل ضماناً إضافياً لطمأنة الأقليات حول مستقبل دورهم وفاعلية هذا الدور في الحياة الوطنية». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية طوني أبو خاطر، أن الحريري «عبّر خلال إطلالته عن الخط المعتدل الذي ينتمي إليه»، وأكد أن «القوات ترفض الدخول بمشاريع انتخابية تمس الوحدة الوطنية»، داعياً الى «مشروع انتخابي عادل الى جانبه مجلس شيوخ يذلل من خلاله الهواجس المسيحية، ويساعد على إظهار المشاركة الحقيقية في العمل السياسي». ورأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» ناجي غاريوس «أن المسيحيين لا يملكون هواجس، بل يريدون حقوقهم السياسية، من خلال القانون الانتخابي، والحريري لم يقدم شيئاً جديداً في مبادرته بالنسبة الى الدوائر الصغرى التي تقدمت بها «القوات» والتي لم يكتب لها النجاح». وحذر من «أن طرح الخمسين دائرة ليس تضحية من اجل المسيحيين بل تضحية بهم»، لافتاً إلى «ان الفرصة اليوم هي للمشروع المختلط التي يعمل عليه داخل اللجنة الفرعية». واعتبر عضو التكتل ذاته زياد أسود، أن «مواقف الحريري عبثية وتنم عن ضياع وتشتت وانعدام رؤية وطنية وسياسية وتؤكد المؤكد، عقم وتسطيح قل مثيله في تاريخنا اللبناني»، معتبراً أن في كلام الحريري «قبولاً ورفضاً في الوقت عينه للزواج المدني؛ قبول ورفض من تحت الطاولة». ورأى أن «الحريري همه الدستور ولم تطبقه مدرسته السياسية مرة واحدة، ونسي أن والده قهر المسيحيين وقتل أحلامهم وهم نيام». وقال اسود: «سمعنا البارحة كلاماً تهديدياً من نائب أمة شوارعي، ينقل السلاح ويحفز على الطوائف لقمعها وتطويقها باسم المستقبل، اعتدال آخر عسى أن يراه المسيحيون ولكن العمى أصاب بعضهم». خطب الجمعة ووزعت دار الفتوى خطب الجمعة التي ألقاها بعض خطباء المساجد في عدد من المناطق، تناولوا فيها موضوع الزواج المدني والفتوى التي اصدرها مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني (كل من يشرع هذا الزواج مرتد). فشدد مفتي عكار الشيخ محمد زيد بكار زكريا على «الالتزام بفتوى مفتي الجمهورية»، واستهجن «التطاول من قبل بعض السياسيين والمفكرين والإعلاميين على مفتي الجمهورية، الذي أُنيطت به رعاية الشؤون الدينية على مستوى الوطن». وأكد مفتي بعلبك الشيخ ايمن الرفاعي ان «مشروع طرح الزواج المدني هو لإثارة الفتنة»، مستغرباً «الحملة المثارة ضد الفتوى التي أصدرها المفتي»، ومؤكداً «أن المس بالمرجعية الإسلامية مرفوض»، وسأل: «ألم يكفل الدستور لكل طائفة في لبنان تنظيم أحوالها الشخصية؟» فمن أراد ذلك ليخرج من طائفته وبعد ذلك يفعل ما يشاء». واعتبر أن «المشكلة ليست في شكل الزواج المدني، إنما في المفاعيل والآثار السيئة المترتبة عليه من موضوع الزواج من المحرمات بالرضاع، إلى التبني، إلى الطلاق، وليس انتهاء بالإرث، ولا نستغرب بعد ذلك إباحة زواج الشاذين». وقال قاضي بيروت الشرعي الشيخ احمد درويش الكردي: «إن قانون الزواج المدني الاختياري مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه بمجمل قوانينه مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، إنْ لجهة اركان العقل وإن لجهة الطلاق وإن لجهة المحرمات من النساء، إذ إن الزواج المدني يبيح للرجل أن يتزوج ابنته أو أمه بالرضاعة كما يبيح للمرأة أن تتزوج أخاها أو أباها أو ابنها بالرضاعة». ورأى شيخ القراء في بيروت الشيخ محمود عكاوي، أن «الإسلام كامل لا نقص فيه، فمن كان لديه نقص فليعالج المشكلة من جانبه. وفتوى مفتي الجمهورية قطعت الطريق على كل مصطاد في الماء العكر، ونحن مع هذه الفتوى ونؤيدها. وأقول لكل مسلم أيرضى على دينه وشرفه أن يتزوج ابنُه أختَه من الرضاع، أو أن ينكح الولد أمه من الرضاع، وغير ذلك من الأحكام التي لا يرضاها دين أو عقل أو منطق؟». وقال شيخ القراء في طرابلس الشيخ بلال بارودي: «الزواج المدني مخالف للشريعة الإسلامية ولا يصح للإنسان المسلم أن يرسم خريطة طريق بنفسه يبني بها بيت زوجيته بعيداً من نظرة الإسلام لذلك، لأنه بذلك يهدم أهم رابطة تقوم بين أنثى وذكر عندما يتركها بغير ضوابط شرعية تحفظ ذلك النسب والدين، فتضيع بذلك الأنساب وتختلط على الناس الأديان». وألقى ناظر ازهر لبنان الشيخ محمد الخانجي خطبة قال فيها: «كل من يوافق على هذا الزواج فإنه يخالف أمر الله، وإن كل من يعتقد بحِلِّه فهو مرتد، لأنه أحل ما حرم الله سبحانه وتعالى، فندعو أبناءنا وشبابنا إلى عدم الانجرار وراء تلك الأفعال المخالفة للشرع، كما ندعو الساسة الذين بيدهم أقلام التوقيع على هذا الزواج، أن يحكِّموا شرع الله في حياتهم قبل أن يحكِّموا أهواءهم وغرائزهم الدنيوية، لأنهم سيقفون بين يدي الله يوم القيامة ويُسألون عما فعلوا والتاريخ لن يرحمهم».