أثارت إحدى أدوات صيد الطيور المهاجرة، استغراب الباكستاني جبار محمد، وزميله الهندي مسعود إقبال، حين شاهداها في حوزة زميلهما السعودي عبدالله المقابي، الذي أحضر ما يُسمى في المنطقة الشرقية «الفخ»، إلى مقر عمله في مدينة الخبر. ولكنه أخبرهما أنه سيقوم بصيد أحد الطيور المهاجرة الواقفة، بعيداً، وهو ما تمكن من تحقيقه بعد نحو 5 دقائق فقط، وذلك في أولى أيام موسم عودة الطيور المهاجرة إلى ديارها، مع قرب انتهاء فصل الشتاء. ويترقب عدد من السعوديين، موسم عودة الطيور، التي تبدأ موسم الهجرة متجهة إلى أماكن تفريخها شمالاً. فيما تمكث في المناطق الساحلية في الخليج العربي، مدة تصل إلى نحو 4 أشهر. ويبدأ تواجد الطيور المهاجرة في المنطقة مع اعتدال الأجواء المناخية، وقرب نهاية فصل الشتاء. فيما يستدل عدد من المهتمين بصيدها، مع بداية صلاحية الأرض للزراعة، وهي عادة ما تكون في شهر شباط (فبراير) من كل عام، وصولاً إلى آذار (مارس)، ونيسان (أبريل). فيما يترقب هواة صيد هذه الطيور عودتها، في فصل الخريف، في شهري تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر). وقال عبدالله المقابي (46 سنة)، الذي تجاوزت فترة اهتمامه بهواية صيد الطيور، عقدين ونصف العقد: «إن الطيور المهاجرة تتواجد في مناطق الخليج العربي، خلال فترتين من السنة، الأولى وهي فترة نهاية فصل الشتاء. فيما تكون الثانية عند دخول نجم «سهيل»، وهي فترة الهجرة. فيما تكون الفترة الأولى فترة العودة من هذه الهجرة». وأشار إلى أن عدداً من السعوديين، خصوصاً من سكان المنطقة الشرقية، يتوارثون هواية صيد الطيور، وهي الهواية التي تعرف محلياً ب «الحبال»، موضحاً أن «الاهتمام ينصب على صيد أنواع معينة من الطيور المهاجرة، وهي تزيد عن 35». ومن أشهر الطيور التي يرغب الهواة اصطيادها: الحمامي البحراني، وأم دقي، والقحّافي، والخياطي، والرماني، والحسيني، الدلبيجاني، وكذلك الفقاق، والسمن، والعقعق. وهي أسماء محلية لعدد من الطيور المهاجرة، التي يجهل الكثير أسماءها العلمية، إضافة إلى بعض أنواع طيور الباشق، التي تُسمى محلياً ب «الشرياص»، أو «الشبوط». وكانت الطيور المهاجرة تصل إلى المناطق السكنية بكثرة في السنوات الماضية، قبل التمدد العمراني، خصوصاً في أوقات ذروتها، وهي الأيام الأخيرة من الهجرة، التي تسمى محلياً ب «الضبة»، بسبب كثرة الزراعة في المنازل. إلا أن التمدد العمراني ساهم في ابتعاد الطيور نوعاً ما عن المناطق السكنية الحديثة. وأشار المقابي، إلى أن هذه الطيور «لا تشكل أي ضرر على المحاصيل الزراعية، بل على العكس من ذلك، فهي تنفع المزارعين كثيراً، حيث تقوم بأكل الحشرات الضارة، التي عادة ما كانت تؤذي المحاصيل الزراعية». وتختلف أدوات صيد الطيور المهاجرة من منطقة إلى أخرى. إلا أن أداة الصيد الأشهر في منطقة الخليج العربي هي «الفخ القطيفي»، الذي يُصنع محلياً، إضافة إلى «الفخ الكويتي»، الذي يُصنع في الصين. إلا أنه اشتهر بهذه التسمية نسبة إلى دولة الكويت، إذ كان يُباع ويُستخدم بكثرة هناك، لصيد الجرذان وأوضح المقابي، أن «الفخ القطيفي يتكون من أجزاء عدة، هي: الحديدة التي تسمى ب «الحنية»، والسير، أو ما يسمى ب «الوتر»، و»الخرزة»، وكذلك «الطرق» وهو الجزء الذي يجمع أجزاء الفخ، و»المفقاز»، الذي يكون أسفل «الخرزة» ليسيطر على الطعم، و»الطارة»، وهي قطعة محنية مُصغرة، تكون من الخشب، وعادة تكون من شجرة الرمان. ويكون شكل الفخ مربعاً، أو مُدوراً، وذا فكين، يدفن في التراب. ويسمى الطعم المُستعمل لصيد الطيور «العنجوش». ويحصل عليها الصياد عند الحفر باليد في مساقي المياه. فيما تستخدم حشرات أخرى للصيد، مثل «العل»، أو «الخنفساء». إلا أن عبدالله المقابي ابتكر أداة صيد «جديدة» لصيد الطيور المهاجرة، بدلاً من «الفخ»، الذي يرى أنه «لم يعد يلبي رغباتي في الصيد» بحسب تعبيره. وقام بصناعة «فخ» يتميز بصيد عدد من الطيور دفعة واحدة، أو صيد عدد منهم من دون أن يتأثر الطعم، الذي عادة ما يكون إحدى الحشرات المائية. ولا تزيد مساحة هذه الأداة عن 30 سنتيمتراً مربعاً. فيما تمتلئ بالخيوط البلاستيكية المربوطة داخلها وتحيط في صندوق صغير، يوضع داخله الطعم. فيما تتشابك أرجل الطيور أثناء هبوطها لتناول هذا الطعم. وذكر المقابي، أنه تلقى عدداً من العروض لبيع هذا الابتكار على بعض المحال التجارية، التي تهتم في الطيور. إلا أنه رفض تحويل الفخ إلى مشروع ربحي. وأصر على تصنيعه يدوياً، وتقديمه بشكل مجاني للأشخاص المهتمين بصيد الطيور المهاجرة. وذكر أنه اصطاد أكثر من 20 طيراً في وقت قصير، بطعم واحد فقط، من دون أن تتعرض هذه الطيور إلى أي أذى. بينما لا يتمكن من صيد هذا العدد من الطيور بالفخ المحلي العادي.