رغم تحذيرات الهيئة السعودية للحياة الفطرية وحظر صيد الطيور الفطرية المهاجرة بأنواعها كافة إلا أن هواة صيد الطيور يواصلون هوايتهم دون رادع فعلي أو ضوابط، بل و يتفاخرون فيما بينهم بعدد ما يصطادون من الطيور كل يوم، حيث يجتمعون آخر النهار لعد الطيور التي تم اصطيادها فبعضهم يصل عدد ما جمعه إلى 60 طائرا في اليوم والآخر 45 وثالث 36 طائرا وهكذا تتواصل المنافسة والتفاخر فيما بينهم في مباراة متصلة طيلة موسم "هيض الطيور"، وهو لفظ يتداوله هواة صيد الطيور بالجوف وكلمة "الهيض" تعني موسم هجرة الطيور الذي يبدأ من غرة سبتمبر ويستمر لعدة أسابيع، فتكثر في مزارع منطقة الجوف طيور الوروار، والخضاري، والقماري، والصعو، وتنتهي هذه الفترة في 25 سبتمبر، وهذا ما يسمى "بالهيض الثاني". أما "الهيض الأول" يبدأ من 14 أبريل، ويستمر عدة أسابيع، فتكثر في مزارع منطقة الجوف طيور الوروار، والخضاري، والقماري، وفي 22 أبريل تكثر طيور الصعو، والخضاري، وتنتهي هذه الفترة في 25 مايو. ويتخذ هواة قنص الطيور مواقع محددة تكون على خط سير الطيور المهاجرة حيث ينصب بعض الخيام في منطقة الحماد الواقعة بين الحدود الشمالية وصحراء الجوف، وبعض الآخر يتردد على مزارع بسطيا وأجربة والمرير والأضارع بشكل يومي ويشكل هذا الموسم وقتاً ثميناً لهواة الصيد فيستعدون له طيلة العام بتجهيز معدات الصيد ويخرجون مصطحبين معهم مختلف أدوات الصيد من بنادق هوائية "ساكتون" وبنادق نارية منها "الخرازة" و"البرنوا" و الجفت أم خمس وهي "الشوزن" مستمتعين بصيد الطيور ومطاردتها وأكلها. ويبدأ صيد الطيور المهاجرة عند ساعات الفجر الأولى أو عند فترة عشاء الطيور بعد فترة العصر، وهناك هواة من القناصة يمضون وقت الظهيرة في صيد الطيور الموجودة فوق الأشجار بحثاً عن الظل. ويقول الصياد جلال السالم: إن من الطيور المحببة له شخصيا طير الخضاري والصفاري والقمري والتي يحرص دوما على اصطيادها. وأضاف أن طرق الصيد متعددة بعد دخول التقنية الحديثة في أدوات الصيادين، إذ يصحب بعضهم تسجيلات صوتية تحاكي صوت الطيور يتم وضعها في مزرعة كثيفة الأشجار مما يوهم إناث الطيور بأن هذه دعوة للتزاوج، فتحط رحالها في الموقع بحثاً عن مصدر الصوت، لكنها تفاجأ ببنادق الصيادين تخرج لها من بين الأشجار. ويشير الصياد مشعل الملفي إلى أن هذه الطيور في هجرتها الأولى تتغذى على التوت والمشمش والخوخ، حيث تصل أعداد أشجارها بالجوف إلى مئات الألوف، ولا تنزل طيور الصعو والخضاريات على أسلاك الكهرباء أو الجبال أو الأرض وتنزل وتمكث فقط على الأشجار وهو عكس ما يفعله طائر القمري الذي يقف في كل مكان. وأضاف أن طيور الصعو والخضاري لا تأكل الحشرات، بل تتغذى على الفواكه كالتوت والمشمش والتمر والتين وتستطيب طعمها ومذاقها، فتجدها دائماً على أشجار الفاكهة، بعكس طائر الوروار الذي يتغذى على الحشرات خاصة النحل". وتتميز منطقة الجوف بأشجارها الكثيرة ومزارعها المتعددة والتي تكثر فيها أشجار النخيل والفواكه والتي تعتبر عامل جذب للطيور المهاجرة، حيث يوجد بمنطقة الجوف مليون شجرة فواكه تنتج سنوياً ما يفوق 13 ألف طن. ويقول القناص ممدوح العبد الرحمن: إن منطقة الجوف تنتج أنواعا كثيرة ومتنوعة من الفواكه كالمشمش والتوت والخوخ وغيرها، وتلك النوعية من الأشجار في المشاريع الزراعية تعتبر عامل جذب رئيسا لعدد من أنواع الطيور المهاجرة، خاصة في المزارع التي تحتوي على ثمار التوت والمشمش، فتجد طيور الصعو والخضاريات تهوى ثمار التين والتوت والمشمش بشكل لافت للنظر، وهو ما يعرفه كثير من صيادي الطيور. وقد أصبح صيد الطيور المهاجرة بالنسبة لكثير من الصيادين هواية لا يمكن التنازل عنها رغم المنع وتحذيرات الجهات المعنية وتحول الصيد بالنسبة لهم إلى مصدر للتفاخر فيما بينهم وليس مصدرا للرزق والطعام كما كان في السابق. وفي المقابل يقول فني البيئة بمركز أبحاث المراعي بالجوف خالد السليم إن صيد الطيور المهاجرة يؤدي إلى خلل بالنظام البيئي وهذا أمر لا شك فيه. وأضاف أن سلوكيات بعض الصيادين وأساليب التعامل مع الطيور المهاجرة قد تؤدي إلى نقل الأمراض خاصة مرض كأنفلونزا الطيور دون وعي أو إدراك من هواة الصيد. وعن تدخل الجهات المسؤولة لمنع تلك الهواية يقول مدير الدوريات الأمنية النقيب سطاب العتيبي بالطبع هناك توجيهات بمنع حمل السلاح دون ترخيص أياً كان نوعه والجهات الأمنية تقوم بجولات ميدانية لرصد مثل تلك الممارسات، حيث تتم مصادرة السلاح غير المرخص، وأخذ التعهدات اللازمة على صاحبه إن كان مرخصاً، داعياً أولياء الأمور إلى الحرص على أبنائهم والحذر من حملهم للسلاح أو وضعه في أماكن تصل إليها أيديهم.