نفّذ الجيش اللبناني أمس حملة مداهمات واسعة في مخيّمات للسوريين في بلدة عرسال وأوقف مشتبهاً بانتمائهم الى المجموعات المسلحة أو تعاونهم معها في إطار مداهماته وتوقيفاته التي بدأها السبت الماضي بعد تفجير عبوة ناسفة في شاحنة للجيش أدت إلى استشهاد جنديين، وبلغت حصيلتها نحو 400 شخص. ومن بين الموقوفين، وفق المعلومات الاولية، قيادي في «جبهة النصرة» إضافة إلى مقدم منشق عن الجيش السوري, على ان يُفرج عمن تتبين براءتهم بعد التدقيق في أوضاعهم. وأثارت إجراءات الجيش غضب «النصرة» التي هدّدت بتفجير الوضع في عرسال في تسجيل صوتي بُثّ ظهر أمس، «في حال لم تتدخّل هيئة العلماء المسلمين في تهدئة الوضع كما قالت»، في وقت لم تستكن تحركات أهالي المخطوفين لدى «داعش» و «النصرة» ضحايا القلق اليومي والانتظار الثقيل منذ 51 يوماً، فتوزّعت محطاتها لليوم الثاني على التوالي بين أوتوستراد القلمون الذي فُتح عصراً والشريان الحيوي الذي يربط البقاع ببيروت طريق ضهر البيدر الدولية التي بقيت مقطوعة، متوعّدين بالمزيد من «المفاجآت في الساعات المقبلة تصل إلى أبواب سجن رومية وصولاً إلى إغلاق قصر العدل في بيروت حتى تحرير أبنائهم»، على رغم الاتصالات الامنية والسياسية معهم، لا سيما من وزير الصحة وائل أبو فاعور بتكليف من رئيس «جبهة النضال النيابية» وليد جنبلاط الذي لم يفلح بإقناعهم بفك اعتصامهم إلا إذا «كان جنبلاط بإمكانه أن يعطيهم ضمانات جدية هذه المرة بأنه سيتم إطلاق سراح أبنائهم ليعودوا سالمين إلى عائلاتهم وإلا لن يفتحوا طريق ضهر البيدر». كما قُطعت طريق ترشيش-زحلة لبعض الوقت «بسبب حالات إنسانية وضغوط سياسية مورست على الأهل». وبالنسبة الى اجراءات الجيش، تُدرج مداهمة المخيمات في عرسال التي نفّذها عناصر فوج المجوقل في إطار الخطوات الوقائية لمنع تسلل النازحين إلى البلدة والتغلغل في صفوف النازحين والسكان وافتعال اعتداءات ضد الجيش. وركّز الجيش في مداهماته على أمكنة رصد منها أكثر من هجوم على محيط الكتيبة 83 والمهنية في بدء المعركة في 2 آب (أغسطس) الماضي. وفي إطار الأحداث التي رافقت هذه المداهمات، أصدرت قيادة الجيش بياناً قالت فيه إنه «أثناء قيام قوة من الجيش في منطقة عرسال بعملية تفتيش في مخيم تابع للنازحين السوريين بحثاً عن مشبوهين، أقدم ثلاثة عناصر يستقلون دراجة نارية على محاولة إحراق مخيم آخر للنازحين بالقرب من المخيم الأول، فأطلق عناصر الجيش النار باتجاههم، ما أدى الى إصابتهم بجروح، وتم توقيفهم ونقلهم الى المستشفى. وتواصل قوى الجيش إجراءاتها الأمنية في المنطقة، فيما بوشر التحقيق في الحادث». وفي ردود فعل النازحين السوريين على الاجراءات الأمنية في مخيمات النزوح في عرسال، تظاهر عدد منهم في شوارع البلدة، لا سيما أمام مبنى البلدية وحمل أحدهم راية «الدولة الاسلامية»، ورددوا هتافات تقول: «الشعب يريد الدولة الاسلامية» وأصدر هؤلاء بياناً باسم المجالس المحلية والهيئة الشرعية للنازحين في عرسال أبدوا فيه اعتراضهم «على طريقة المداهمات». وطالبوا الحكومة بأن «تفتح لهم باب العودة لنرحل بحرائرنا وأطفالنا عبر سلسلة الجبال المهلكة وبعدها لا يهم رجالنا إن حصل الطوفان». وأفادت معلومات من عرسال عن رحيل بعض الاسر النازحة الى الجرود. وفي تغريدة عبر تويتر «مراسل القلمون» قالت «النصرة»: «إلى الشعب اللبناني، إن جيشكم يرسم طريق مستقبلكم بدخوله إلى عرسال وإهانة أهل السنّة، فهل أنتم مستعدون لدفع ثمن ثقتكم به؟ ننتظر جوابكم». ونفّذت وحدات من الجيش مداهمات عدة لأماكن وجود النازحين في ابي سمرا بحثاً عن مشتبه بانتمائهم إلى مجموعات إرهابية. وصدر عن قيادة الجيش أمس بيان أكدت فيه أن «وحدات الجيش المنتشرة في طرابلس دهمت عدداً من أماكن المشبوهين باشتراكهم في التعديات الأمنية على المواطنين، ومراكز الجيش، وأوقفت 20 شخصاً من المشتبه بهم، وضبطت بحوزتهم أسلحة وذخائر وأعتدة عسكرية». وأكدت قيادة الجيش في بيان آخر، أن «مديرية المخابرات أحالت على القضاء المختص امس، الموقوف حسين عبد علي جعفر، الصادرة بحقه وثائق عدة، بجرائم: اطلاق نار على دورية للجيش، وتبادل اطلاق النار مع آخرين، والمشاركة في عمليات خطف والقيام بعمليات سلب بقوة السلاح وضبطت بحوزته اعتدة عسكرية». وأصدر قاضي التحقيق العسكري فادي صوان، قراراً اتهامياً اتهم فيه الموقوف السوري عامر حمدون بجرائم الانتماء الى تنظيم ارهابي مسلح ومحاولة قتل عسكريين وإحراق آليات عسكرية في طرابلس وحيازة اسلحة ومتفجرات، وأحاله أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن مقتل شخص يدعى فوزي شحرور في خلال مطاردة الجيش لسيارة في منطقة البص في صور وهو مطلوب للعدالة وتوقيف اربعة آخرين كانوا برفقته. وتمنى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على السفير التركي إينان أوزيلديز خلال لقائه أمس أن «تسعى تركيا لإطلاق العسكريين لطي الملف، على غرار ما حصل لمخطوفي أعزاز».