شهد النزاع الذي تعيشه «إر فرانس» تطوراً إيجابياً أمس غداة إعلان الإدارة أنها «تسحب فوراً» المشروع المتعلق بالفرع الخاص بأسعار البطاقات المتدنية «ترانسافيا يوروب»، وهو أبرز مطلب للطيارين المضربين منذ 11 يوماً. وهذا هو النزاع الأطول للطيارين في «إر فرانس» إذ ان الإضراب القياسي السابق يعود لعام 1998 ودام 10 أيام. وتحت ضغط الحكومة، قررت نقابات الطيارين والإدارة التي لم تجر أي محادثات منذ الأسبوع الماضي، استئناف المفاوضات. وتقدمت النقابة المنظمة للإضراب الذي بدأ في 15 أيلول (سبتمبر)، «باقتراح معاكس» بعد إعلان «إر فرانس» مساء أول من أمس سحب مشروع فرع «ترانسافيا يوروب». وأعلن غيوم شميد، الناطق باسم النقابة التي تمثل 71 في المئة من الطيارين في «إر فرانس» لوكالة «فرانس برس» ان الاقتراح المعاكس «تدرسه الإدارة في الوقت الراهن». وأضاف: «في الانتظار، التحرك مستمر»، من دون ان يبدي رأيه في شأن جوهر المفاوضات طالما لا تزال جارية. وبدت عودة حركة الملاحة إلى طبيعتها غير مرجحة كثيراً في المطارات حيث لا تزال نصف طائرات «إر فرانس» جاثمة على الأرض. وقال مصدر ملاحي ل «فرانس برس» ان «الوضع لم يتغير» في المطارات الباريسية. وأوضح المصدر ان نحو 40 في المئة من رحلات «إر فرانس» أُلغِيت خلال النهار في مطار رواسي شارل ديغول. وفي تولوز (جنوب غرب)، ألغي 75 في المئة من الرحلات. وعلى المستوى الوطني، تعهدت الشركة تأمين 47 في المئة من الرحلات، معلنة ان كلفة الإضراب تصل إلى ما بين 15 و20 مليون يورو في اليوم. وحذر شميد من غياب ما يحمل النقابات على تغيير رأيها خلال جولة المفاوضات الأخيرة. وقال: «لن نسحب الإشعار المسبق (بالإضراب) طالما لم تصل المفاوضات إلى نتيجة». وتقدر نسبة الطيارين المضربين بحوالى 62 في المئة أمس في مقابل 52 في المئة أول من أمس. والطيارون الذين ينددون بحالة «إغراق اجتماعي» سببها برأيهم مشروع «ترانسافيا يوروب»، توصلوا أخيراً إلى حمل «إر فرانس - كي إل إم» على التراجع ليل أول من أمس. ورفضت الإدارة لفترة طويلة التخلي عن المشروع وهو ركن أساسي في خطتها الإستراتيجية الجديدة «أداء 2020». وفور الإعلان عن التخلي عن هذا المشروع، دعت الإدارة الطيارين إلى «استئناف فوري» للعمل. وحذت الحكومة حذوها معتبرة ان مسؤولية الطيارين تكمن في «وقف التحرك». وتملك الدولة نسبة 16 في المئة من رأس مال الشركة. وترى النقابات التي تقف وراء الإضراب في فرع «ترانسافيا يوروب» محاولة لنقل وظائف إلى خارج فرنسا. والاثنين عرض رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمجموعة «إر فرانس - كي إل إم» إلكسندر دو جونياك تعليق العمل بالمشروع. وعلى سبيل المصادفة، كان مرجحاً ان يركز اجتماع للجنة مركزية في «إر فرانس» محدد قبل وقت طويل، على مشروع «أداء 2020» المتمحور، بين نقاط أخرى، على التنمية القارية للبطاقات المنخفضة الأسعار التي تقدمها «إر فرانس - كي إل إم». وكان متوقعاً ان تقدم الإدارة خلال هذا الاجتماع في وقت لاحق أمس تفاصيل هذه الخطة التي أعلنت هذا الصيف. وتعتزم مجموعة الطيران الفرنسية - الهولندية، وهي الثانية أوروبياً بعد «لوفتهانزا» الألمانية، إيجاد موقع لها في سوق البطاقات المنخفضة الأسعار والتقاط «فرص النمو» التي يمكن ان توفرها لها. وهي تستهدف كلاً من «رايان إر» و«إيزي جت» الشركتين البارزتين في سوق البطاقات المنخفضة الأسعار في أوروبا. وتشعر النقابات بقلق من تطوير شركة أوروبية منخفضة الأسعار تستطيع ان تفرض على طياريها عقود عمل وفق شروط التعاقد المحلي، وتحدثت عن خطر «إغراق اجتماعي» و»نقل مواقع» الوظائف الفرنسية، على حد رأيهم. وفي آب (أغسطس)، أكدت الإدارة لموظفيها ان إعادة التنظيم المقبلة لشبكة «إر فرانس» في المديين القصير والمتوسط، لن تؤدي إلى «أي نقل» للعاملين ولعقود العمل أو الطائرات. وهي وعود لم تقنع على ما يبدو الطيارين. وأول من أمس، طالب رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بتسوية سريعة للتحرك الاجتماعي لدى إر فرانس، داعياً المعسكرين إلى تفادي «المزايدة». وأوصت الشركة زبائنها الذين حجزوا رحلة من الآن وحتى 30 أيلول بإرجاء سفرهم أو تغيير تذكرة سفرهم من دون أي نفقات. ومددت النقابة التي تتمتع بالغالبية، الإشعار المسبق بالإضراب حتى ذلك التاريخ.