لماذا يختار بعض المصريين أن يصفوا حساباتهم مع نظام الحكم على الأراضي الأميركية؟ يثار السؤال لمناسبة الزيارة التي بدأها الرئيس حسني مبارك أمس لواشنطن، إذ كان السباق بين السفارة المصرية من جهة ومعارضين مصريين مقيمين في الولاياتالمتحدة غالبيتهم من الأقباط، على تأمين المناطق القريبة من مقر إقامة مبارك أو التي سيمر فيها، فأقباط المهجر كعادتهم انتظروا الزيارة ليمارسوا عادتهم في وضع اللافتات وترداد الهتافات التي تعبر عن مطالبهم، وكلها معروفة، أو لإعلان اعتراضهم على قرارات أو سياسات يرون أنها تؤثر على الأقباط المصريين في الداخل. أما السفارة فسعت إلى ضمان ألا يعكر صفو الزيارة تصرفات من هذا النوع ولجأت إلى وسائل عدة لتفادي تنظيم التظاهرات إما بالاتصال المباشر مع رموز الأقباط هناك أو باستئجار الأرصفة أو الساحات القريبة من مقر إقامة الرئيس أو تلك التي سيمر موكبه منها. ويعود السؤال عن مدى التنسيق بين أقباط الداخل في مصر وأقباط الخارج، وهل لدى هؤلاء المقيمين في الخارج مطالب أخرى غير تلك التي يرفعها وينادي بها أقباط الداخل؟ هل مساحة الحريات في الخارج تسمح بما لا يمكن الحديث فيه أو المطالبة به في الداخل؟ هل تدخل التظاهرات أثناء الزيارات ضمن ما يمكن اعتباره ابتزازاً سياسياً؟ تأتي زيارة مبارك لواشنطن هذه المرة بعد أكثر من خمس سنوات انقطعت فيها زياراته لأميركا لأسباب معروفة، واللافت أن نشاط أقباط المهجر هذه المرة جاء من دون وجود احتقان طائفي داخل مصر كما كان يحدث في الماضي، ما جعل البعض يعتقد بأن مسألة الاستقواء بالخارج أسلوب تتبعه بعض جماعات المعارضة المصرية سواء كانت هناك أسباب للخلاف مع النظام المصري أو لا، وأن السعي لتحقيق مكاسب سياسية قد يأتي في بعض الأحيان من دون النظر إلى المصالح العليا للوطن (مصر) رغم أن كل المواطنين المعارضين يرفعون شعار الحفاظ على تلك المصالح. عموماً ستبقى جهات داخل الولاياتالمتحدة تغذي تلك المشاهد بل تسعى إليها، لاستثمارها لممارسة ضغوط أو تمرير مطالب أميركية. ويبقى أمام الحكومة المصرية أدوار عليها أن تؤديها تتجاوز السعي الى منع مثل تلك التظاهرات لتمر الزيارة بسلام، بالبحث عن أسباب التظاهر والقضاء عليها، كما يبقى أمام الجماعات المعارضة في الخارج، وعلى رأسها أقباط المهجر، استيعاب مدى الغضب الشعبي لمسألة الاستقواء بالخارج ورفض الناس في مصر الضغوط الخارجية حتى لو كانت تتعلق بالحريات أو تحقيق مصلحة ما للشعب المصري أو فئة من فئاته، و أن هذا الموقف لا يتغير بتغير الإدارات الأميركية وسواء جاءت الضغوط من بوش أو أوباما فإنها ضغوط ولا شيء غيرها. قد تتعدد مظاهر الاحتجاج داخل مصر وتنتشر من مكان إلى آخر وقد تتفرع المطالب الفئوية أو السياسية لكن مسألة تصفية الحسابات في الخارج تظل لافتة ولا تحظي بالقبول بين الأوساط الشعبية بغض النظر عن غضب الأوساط الحكومية منها، فالحكومة لا ترغب أصلاً في أي احتجاج سواء في الداخل أو الخارج. ويبقى للأقباط أخوة لهم داخل مصر وكنيسة يؤكدون احترامهم لها ووطن قال البابا شنودة عنه إنه يعيش فيهم وليس مجرد وطن يعيش الأقباط فيه.