خرجت تظاهرات الفلوجة (غرب بغداد) للمرة الاولى منذ انطلاقها قبل اكثر من شهر، عن نطاقها السلمي فوقعت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن والجيش، أسفرت عن سقوط 6 قتلى و 40 جريحاً، ما حدا برجل الدين السنّي المعروف بأنه الأب الروحي للمحتجين عبدالملك السعدي إلى المطالبة بالإنسحاب من العملية السياسية. لكنه حرّم الدعوة إلى إقامة إقليم في المحافظات السنّية لأنها تقسم العراق وتصب في مصلحة «بعض الجيران». وشارك مئات الآلاف في التظاهرات في أربيل والموصل وسامراء وديالى والاعظمية باسم «جمعة لا تراجع»، احتجاجاً على سياسات حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، وأضفى سقوط القتلى في الفلوجة المزيد من تعقيد الأزمة، منذراً بتطور خطير. واتهم المالكي في بيان «مندسين» باستفزاز قوات الامن، ودعاها الى ضبط النفس، وجدّد التحذير من «مؤامرات» تقف وراءها «استخبارات اقليمية وبقايا النظام السابق والقاعدة لجرِ القوات المسلحة الى مواجهة مع المتظاهرين»، داعياً زعماء العشائر ورجال الدين الى إخماد الفتنة. واستنكر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر «الاعتداء المسلح على المتظاهرين في الفلوجة»، ودعاهم وقوات الامن الى «ممارسة أعلى درجات ضبط النفس». وروى شيخ عشائر الباقريين في الفلوجة محمد البجاري ل»الحياة» أمس تفاصيل الحادث فقال: «ان متظاهرين من خارج المدينة وصلوا الى نقطة تفتيش وطلب رجل دين يقودهم من الضابط المسؤول السماح لهم بالدخول الى ساحة الاعتصام، إلا انه رفض طلبه واعتدى أحد الجنود عليه ما أدى الى استنفار المتظاهرين». وأوضح ان «عناصر نقطة التفتيش بدأوا إطلاق النار باتجاه المتظاهرين، ما أدى الى مقتل ستة منهم وجرح 40». وأعلن وزير الدفاع سعدون الدليمي فتح تحقيق في أسباب الحادث، فيما أفادت مصادر رسمية ان أوامر صدرت الى قوات الجيش بالانسحاب من الفلوجة، وإبدالها بقوات الشرطة الاتحادية خشية تطور المواجهات. ومع انتشار أنباء الاشتباكات هدّد شيوخ عشائر في الموصل بقطع الطريق الدولي الذي يربط العراق بسورية وتركيا. وفي مساء اليوم نفسه أصدر رجل الدين السنّي الشيخ عبدالملك السعدي الذي يعد أباً روحياً للمتظاهرين بياناً شديد اللهجة متهماً الحكومة ب»تنفيذ أمر دبره أسيادها في ليل». وخاطب رئيس الوزراء فقال: «لماذا يا مالكي تفتح قواتك النارَ على الآمنين العابدين؟ لماذا هذا الاسفزاز الصارخ للمطالبين بحقوقهم المشروعة؟ ولماذا هذا الاعتداء على الثائرين لشرفهم وكرامتهم؟ أمَا فكرت قليلا بأنك تنوي فعلَ ذلك مُسبقا، وأنك فضحتَ نفسك بما أنت فاعلُه حين هددت المتظاهرين بقولك لهم انتَهوا قبل أن تُنْهَوا». ودعا السعدي المتظاهرين الى «الاستمرار في الاعتصام والثبات على المطالب» وخاطب السياسيين والقوات في العراق بالقول: «رأيتم الظلم المعلن بأم أعينكم على المتظاهرين المسالمين المطالبين بالحقوق المشروعة، ورأيتم تساقط الشهداء والجرحى بغير حق مشروع، فمن العار بمكانٍ أن يَدُسَّ أحدٌ منكم رأسه في الرمال، وقد حان الوقت لجميع السياسيين من وزراء ونواب وقضاة وغيرهم أن ينسحبوا من العملية السياسية ويعلنوها صريحة في وجه الظالم فالتاريخ لا يرحم». وأفتى بحرمة الدعوة إلى إنشاء إقليم سنّي رداً على مماطلة الحكومة لأن ذلك «يجزىء العراق ويصب في مصلحة دول مجاورة».