لم يكن مشهد مهاجمة المتظاهرين في الأنبار، نائب رئيس الوزراء القيادي السنّي البارز صالح المطلك حدثاً عابراً، فهي تؤشر إلى احتمال حدوث تصعيد خطير إذا قدمت الحكومة على فض الاعتصامات بالقوة، وإلى تراجع دور القادة السياسيين لمصلحة رجال الدين. وفيما كان عناصر حرس المطلك يحاولون صباح أمس حمايته من هجوم المتظاهرين الذين رفضوا اعتلاء المنصة لمخاطبتهم، كان المتظاهرون يهتفون باسم رجل دين سنّي بارز هو الشيخ عبدالملك السعدي الذي ألقى خطبة طالب خلالها بالتمسك بالشعارات الوطنية، وبسلمية التظاهر وعدم الاعتداء أو استخدام القوة. وبعدم الدفاع عن أشخاص أو أحزاب، وهذا مطلب تبناه أيضاً زعيم «هيئة علماء المسلمين» حارث الضاري. وكان ممثلو عشائر الأنبار قدموا أول من أمس، مطالب إلى وفد حكومي رأسه وزير الدفاع سعدون الدليمي، ركزت على إطلاق المعتقلات وعدم شمولهن بقانون الإرهاب، وتعليق القانون تمهيداً لإلغائه، وإلغاء دور المخبر السري ووقف العمل بقانون المساءلة والعدالة، لكن شعارات التظاهرات تجاوزت كل ذلك إلى المطالبة بإقالة رئيس الوزراء نوري المالكي. وظهر دور زعماء العشائر واضحاً منذ اليوم الأول للتظاهرات قبل أكثر من أسبوع، إذ تناوبوا على إلقاء خطب تحض المتظاهرين على الثبات في موقع الاعتصام إلى حين تنفيذ مطالبهم. وكان الزعماء العشائريون والدينيون رفضوا أمس اقتراح أطراف مختلفة في الأنبار لنقل مكان الاعتصام إلى سجن أبو غريب الشهير. ويوفر مكان الاعتصام الذي يقع على الطريق الدولي الرابط بين بغداد وعمان ودمشق، بعيداً من مركز مدينة الفلوجة ومن أي منشأة عسكرية أو مدنية، ظروفاً مناسبة لمنع تطور الموقف إلى صدامات، على رغم أنه في منطقة صحراوية مكشوفة لا توفر حماية للمتظاهرين، في حال أقدمت السلطات على استخدام القوة لتفريقهم.