لا تتلخص مكاسب الانتفاضة العراقية الأولى في 25 شباط (فبراير)2011 بكسر حاجز الخوف والصمت لدى العراقيين فقط وإنما أدامت حال الغضب الشعبي وفتحت ملفات فساد وانتهاكات مورست بحق مواطنين من قبل السلطات، سكتوا عنها وساهم فيها شركاء العملية السياسية من دون استثناء من أجل أن يحافظوا على مكاسب وامتيازات حصلوا عليها من دون وجه حق. فقد عكس المعتصمون في ساحات العز والكرامة، كما أسموها، عبر مطالبهم وإدارتهم للانتفاضة، نضوج حال ثورية طال انتظارها من أجل قلب موازين المشهد السياسي وأخذها بالاتجاه الذي يُمكن القوى الشعبية والوطنية من فرض إرادتها في تغيير مسار العملية السياسية، ودخولها في ميزان الحساب السياسي ضمن معادلة القوى المؤثرة على التغيير في الساحة العراقية. كما إننا نقف في زمن الانتفاضة الثانية على المحك من نجاح أو فشل الإرادة الشعبية والتي إن كتب لها الفشل، لا سمح الله، فستكون عواقب الفشل وخيمة على مستقبل العراق والعراقيين. للانتفاضة العراقية حقوق وواجبات لا بد من الإشارة إليها والتذكير بها كلما سنحت فرصة لذلك من قبل كتاب الرأي والناشطين ومنظمي النشاطات الشعبية في مختلف أرجاء الوطن، أما الحقوق فقد تمثل جزء كبير منها في شعارات طالب مؤيدوها الحكومة بالإفراج عن المعتقلين الأبرياء، نساءً ورجالاً، وإلغاء المخبر السري، ومادتي إرهاب والمساءلة والعدالة اللتين وظفتهما السلطة لتصفية خصومها سياسياً وزج الأبرياء في السجون والمعتقلات السرية. أما الواجبات فهي حال مثالية ينبغي تأكيدها من قبل جماعات الضغط المعارضة في الالتزام بسلمية التظاهرات والتمسك بالهوية الوطنية وعدم التفريط باللحمة بين جميع أبناء الوطن، خصوصاً عند اتساع مساحة المشاركة الشعبية وخروجها عن سيطرة السلطات الأمنية. يكمن نجاح الثورة العراقية في أمرين رئيسين لا بد منهما: الأول عدم السماح لأي من السياسيين والنواب أن يلتحق بالتظاهرات ويتواجد مع المعتصمين في ساحاتهم لأي سبب كان إلا في حال استقال من منصبه وتبرأ من العملية السياسية أمام الجماهير ووسائل الإعلام، الأمر الثاني هو عدم قبول المعتصمين التفاوض مع السلطات المحلية أو المركزية لأي سبب من الأسباب إلا في حال وافقت الحكومة، وعلى لسان رئيسها، على تنفيذ كل المطالب الشعبية منعاً للالتفاف على الثورة وأهدافها.