طلب بعض دول ضحايا العملية التي نفذها الجيش الجزائري لتحرير مئات الرهائن احتجزهم مسلحون تابعون لتنظيم «القاعدة» في منشأة لتكرير الغاز في تيغنتورين جنوب البلاد، توضيحات رسمية من الجزائر لملابسات العملية التي قتل فيها عشرات الأجانب. وتقدمت الحكومة اليابانية أمس بطلب رسمي إلى السلطات الجزائرية للحصول على معلومات تخص ثلاثة رعايا مفقودين في الهجوم الخميس الماضي، كما طلبت الحكومة الكندية إفادتها بالمعلومات التي سمحت للجزائر بتأكيد وجود كنديين اثنين ضمن كتيبة «الموقعون بالدماء» التي هاجمت منشأة الغاز. وتزامناً مع إعلان الجزائر مغادرة قوات الجيش مجمع تكرير الغاز في الجنوب الشرقي للبلاد، بدأت ردود الفعل الديبلوماسية تتسارع باتجاه العاصمة الجزائرية، طلباً لمعلومات عن طبيعة المهمة التي قام بها فريق من قوات النخبة في الجيش. ووصل أمس نائب وزير الخارجية الياباني شونيشي سوزوكي إلى الجزائر ناقلاً «طلباً مباشراً بالحصول على معلومات تخص ثلاثة مفقودين يابانيين» في رسالة إلى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. والتقى سوزوكي الوزير الأول عبدالمالك سلال ونقل الرسالة الموجهة إلى بوتفليقة من رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا. وكانت وزارة الخارجية اليابانية دعت منذ اليوم الأول لتدخل قوات الجيش إلى «وقف العملية العسكرية للجيش الجزائري فوراً». وقال مسؤول جزائري ل «الحياة» إن الرئاسة كلفت وزارة الخارجية بتحضير لقاءات مع سفراء الدول المعنية بقضية الرهائن، والتواصل مع الشركة الحكومية للغاز «سوناطراك» لترتيب تعويضات مادية محتملة لأسر المتضررين. والتزمت الحكومة الجزائرية بتكتم شديد على تفاصيل العملية التي نفذها الجيش، ما أبقى على نقاط استفهام كثيرة رغم التوضيحات التي قدمها الوزير الأول. وتوقع مراقبون في الجزائر أن يؤدي تسيير الحكومة للجانب الإعلامي لقضية الرهائن إلى معارك ديبلوماسية مع عواصم كانت في حرج أمام الرأي العام لديها لعجزها عن تقديم معطيات وافية عن حال رعاياها الرهائن. ففي سياق تداعيات أزمة الرهائن استدعت وزارة الخارجية الكندية سفير الجزائر لتقديم طلب يخص المعلومات التي على أساسها أعلنت الجزائر أن مسلحين اثنين بين المهاجمين يحملان الجنسية الكندية. وقال وزير الخارجية الكندي جون بيرد أمس إن بلاده تعمل على التحقق من أن اثنين من مواطنيها كانا ضمن المجموعة الإرهابية. وأشار إلى أن «سفارتنا في الجزائر وفريقنا في أوتاوا يعملان على التحقق من هذه المعلومات والحصول على أسماء هذين الكنديين، لكننا لا نستطيع كشف أي شيء رسمياً الآن». ومعلوم أن الجزائر قالت إن «هناك 11 تونسياً بين الإرهابيين وموريتانياً واحداً ونيجيريين اثنين وكنديين اثنين إضافة إلى مصريين وماليين» لم تحدد عددهم، فيما ألقي القبض على دليل الجماعة وهو سائق سابق في المنشأة توقف عن العمل منذ نحو عام وتعود أصوله إلى النيجر. وأبقت واشنطن على موقفها «المتوازن» في نظر الجزائر من النهاية التي آلت إليها أزمة الرهائن في تيغنتورين. لكن الخارجية الأميركية بدورها طالبت ب «المعلومات التي كانت تمتلكها السلطات الجزائرية في مختلف مراحل الأزمة». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند: «لن نقدم هنا أي تقويم للطريقة التي أدار بها الجزائريون هذا الهجوم عديم الرحمة... الجزائريون قالوا لنا إن المهاجمين وضعوا خطة لقتل جميع الرهائن وتفجير المصنع. كان سيكون هناك انفجار ضخم يؤدي إلى مقتل الجميع مع نتيجة أكثر مأسوية مما حصل». وذكرت بأن احتجاز الرهائن وهجوم قوات الجيش حصلا في «ظروف صعبة ومرعبة ومأسوية جداً»، وأن مجمع الغاز كان على بعد «نحو ألف ميل من العاصمة وفي منطقة نائية جداً». والحديث الدولي عن معلومات خلال فترة الأزمة نفسها، يعني طلب استفسارات عما رأت فيه بعض الدول «تسرعاً» في تدخل قوات الجيش وتفاصيل عن مهاجمة الجيش لمركبات كانت تضم خاطفين وبعض الرهائن. وتتواجد «لجنة رئاسة» في ولاية إليزي للتحقيق في «الاختراق الأمني» ونتائج عملها قد تضاف إلى ردود الخارجية الجزائرية على حلفائها الغربيين. وقال مصدر حكومي ل «الحياة» إن «الحديث عن اختراق أمني يقود إلى الحديث عن أصل المشكلة». وتابع أن «الجزائر حذرت من أن فقدان الدولة الليبية لتوازنها يعني إغراق المنطقة بالسلاح ويعني أيضاً هدم أهم ركائز الطوارق»، في إشارة إلى الحظوة التي منحها معمر القذافي لآلاف الطوارق الماليين والنيجريين. وأعلنت وزارة الخارجية الماليزية أمس أن ماليزياً قُتل واعتبر آخر في عداد المفقودين. وأعرب وزير الخارجية الماليزي انيفة امان عن قلقه حيال مصير الماليزي تان بينغ ووي الذي اعتبر في عداد المفقودين، قائلاً: «أكثر من ذلك، فإن البيان الرسمي الذي أصدرته السلطات الجزائرية لم يقدم تفاصيل عن العملية كما لم يقدم لائحة كاملة بالرهائن الذين هم في عداد المفقودين».