شارك أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في الجلسة الافتتاحية العامة للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في مقر المنظمة الدولية في نيويورك اليوم الأربعاء. وقال في الخطاب الذي ألقاه إن "مأساة الشعب السوري التي دخلت عامها الرابع تشكل أحد التحديات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط وتزداد هذه الكارثة الإنسانية تفاقماً وخطورة في غياب رؤى واضحة لحل هذه الأزمة مع استمرار أعمال القتل والدمار وانتهاكات الحقوق والمعاناة الإنسانية الكبيرة وتشريد وتهجير ما يقارب نصف الشعب السوري، وهو الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي العمل الجاد لوضع حد لإراقة الدماء وعملية تدمير سورية بشكل منهجي من نظامٍ خيّر شعبه بين قبوله أو حرق بلده". واضاف أنه "سبق أن حذّرنا أن مواصلة النظام الإرهاب وسياسة الإبادة والتهجير وعدم توفير الدعم للثورة السورية حين كانت ثورة مدنية تطالب بالحرية والكرامة، ستدفع الكثير من السوريين إلى الدفاع عن النفس. كما حذرنا المجتمع الدولي منذ البداية أنه إذا لم يفعل شيئا تجاه ما يجري في سورية فسنصل إلى ما وصلنا إليه. وحين دافع الشعب السوري عن نفسه بالسلاح طالبنا بدعمه قبل أن يهدم النظام البلد وتنشأ المنظمات المتطرفة". وقال إنه "لم توضع أية خطوط حمر ليقف عندها النظام السوري، ولم يلتفت العالم حتى إلى قتل أطفال سورية ونسائها بالسلاح الكيماوي، وإلى قصف أحيائها المأهولة بالبراميل المتفجرة وفي النهاية أصبح الشعب السوري يعيش بين فكي كماشة إرهاب النظام، وإرهاب القوى المتطرفة التي نمت في مستنقع العنف. وتبقى حرب الإبادة والتهجير المقصود التي يشنها نظام على شعبه هي الجريمة الكبرى". وأكد أن "على المجتمع الدولي تقديم كافة أوجه المساعدات الإنسانية للشعب السوري داخل سورية وفي أماكن اللجوء، ونكرر دعوة مجلس الأمن أن يتحمل مسؤوليته القانونية والإنسانية على وجه السرعة ويدعم الشعب السوري ضد الخطرين المحدقين به، خطر إرهاب النظام وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها و خطر القوى الإرهابية التي استغلت حالة البؤس والمرارة وغياب الدولة وغياب المجتمع الدولي. وقد ساهم الأول في توليد الثاني". وبيّن أنه "لا يمكن مكافحة الإرهاب إلا من خلال بيئته الاجتماعية، وأنه لكي تقف المجتمعات معنا في مكافحة الإرهاب يجب أن ننصفها، وأن لا نخيرها بين الإرهاب والاستبداد، أو بين الإرهاب والتمييز الطائفي. لا يمكن أن تنجح الحرب على الإرهاب إلا إذا اقتنعت الشعوب أنها حربها وليست حرباً من أجل تثبيت نظام يقمعها". وأشار الى أنه "يتعين نزع فتيل الصراع المذهبي وتحقيق المصالحة العراقية التي تؤسس لعلاقات تزول فيها النزاعات المذهبية والطائفية والعرقية ومشاركة كل القوى السياسية من دون إقصاء لأي طرف". وفي سياق منفصل، أكد الأمير على ضرورة "دعم ليبيا حتى تجتاز المحنة التي تتعرض لها، عبر السعي الجاد من المجتمع الدولي باحترام إرادة الشعب الليبي وتلبية تطلعاته المشروعة في الأمن والاستقرار من خلال تحقيق مُصالحة تشمل كافة الأطياف الليبية". ودعا القوى السياسية الليبية كافة إلى "اتباع طريق الحوار الوطني للتوصل إلى صيغة النظام الذي يلبي طموحات الشعب الليبي الذي قدم الكثير من أجل حريته". وفي سياق منفصل، أشار أمير قطر الى أن "السلام والأمن الدوليين في العالم لن يتحققا من دون الحوار المستند على مبدأ المساواة والالتزام بأحكام القانون الدولي، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية واحترام مبادئ حقوق الإنسان وحقوق الشعوب". واشار الى أن "الشرق الأوسط مر بمرحلة بالغة الخطورة إبّان الحرب الأخيرة على إخواننا الفلسطينيين، ولا توجد ضمانات أن لا تمر بمثلها مرة أخرى. فما زالت إسرائيل ماضية في سياستها الاحتلالية وتحديها للإرادة الدولية عبر المصادرات الأخيرة للأرض في الضفة الغربية ومواصلة بناء المستوطنات التي تكرّس الاحتلال". واعتبر أن "الصور المأساوية والوقائع غير المسبوقة أثناء العدوان على غزة هزت الضميرَ الإنسانيَ الحي،. مشيراً الى أن "غطرسة القوة لن تقهر مقاومة الشعب الفلسطيني، وإنني أُحيي صمود مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة في مواجهة الاحتلال والإصرار على استعادة كافة حقوقه المشروعة". وأكد أن "على إسرائيل أن تعي أن أمن شعبها لن يتحقق إلا بالسلام، وأن الاحتلال مصيره إلى زوال". واضاف الأمير تميم أن "ما خلفه العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة على مدى الأعوام الماضية والحصار الجائر المفروض عليه وما سببه من تدمير للبنية الأساسية للقطاع، يحتم على المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والوفاء بالتزاماتها والإسراع في إزالة العراقيل التي وضعتها لرفع الحصار وتحقيق عملية الإعمار، ولن تألو دولة قطر جهداً في تقديم المساعدة لإعادة إعمار القطاع، ونحث كافة دول العالم على ذلك". وشدد على ضرورة "استجابة المجتمع الدولي لتطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال الوطني، لا سيما وأن القضية الفلسطينية هي آخر قضية استعمارية باقية"، مضيفاً أن "الحلول الموقتة أو التسويات الجزئية باتت غير مجدية وغير مقبولة". وطالب المجتمع الدولي بأن "يُصدر قراراً تحت الفصل السابع من الميثاق بإلزام إسرائيل بإنهاء احتلال العام 1967، وتنفيذ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي وفقاً لخطة سياسية واضحة ومحدودة زمنياً"، مؤكداً أن من واجب العالم أن يقنع الفلسطينيين أن من قتل أطفالهم في غزة لن يُستقبل في الصالونات الديبلوماسية كأنه قام بعمل حضاري لأنه قصفهم من الجو من دون أن يلطخ يديه".