حدّد الرئيس محمود عباس مهمات اللجنة المركزية الجديدة للحركة في الاجتماع الاول «التعارفي» لأعضائها بنقطة واحدة هي «النهوض بحركة فتح». مشاركون في الاجتماع قالوا ل «الحياة» ان الرئيس «صالح بين الخصوم» في هذا الاجتماع، ودعاهم الى «ترك الانتخابات وألاعيبها ومؤامرات المعسكرات والتطلع الى امام». أحد المشاركين قال ان الرئيس تحدث مطولاً عن قسوة الحرب الانتخابية بين المعسكرات، و«عن الحجب عن فلان واعطاء فلان» وغيرها، لكنه دعاهم الى ترك الخلافات في بيت لحم حيث عقد المؤتمر، والتطلع الى العمل بروح الفريق الواحد. وستعقد اللجنة المركزية لقاءها الفعلي الاول الاسبوع الجاري بعد ظهور نتائج انتخابات المجلس الثوري المتوقعة اليوم، وبعد عقد الجلسة الاولى للمجلس الذي يشكل اعلى سلطة تشريعية في الحركة في غياب المؤتمر. وقال اعضاء في اللجنة المركزية ان الرئيس عباس يولي اهمية كبيرة للمجلس الثوري، وهو المؤسسة التي ستراقب عمل اللجنة المركزية، وتمتلك صلاحيات حجب الثقة عن اي عضو فيها بغالبية الثلثين، وتمتلك ايضاً صلاحيات وقف اي خطوة سياسية او غير سياسية تتخذها اللجنة مثل المفاوضات والمصالحة مع «حماس» وغيرها. وللإشارة الى حجم اهتمام عباس بالمجلس الثوري، فإنه اوفد امس الدكتور محمد اشتية عضو اللجنة الجديد للرقابة على سير اعمال فرز الاصوات في انتخابات المجلس. وقال مكتب الرئيس انه سيكون حاضراً لدى الإعلان عن نتائج الانتخابات، وانه سيشرف على عقد اول اجتماع للمجلس الذي سينتخب امانة سر المجلس. وتلعب امانة سر المجلس الثوري دور «رئاسة البرلمان» في «فتح»، اذ تشرف على كل مشاريع القرارات والمواقف. ويعقد المجلس الثوري جلسة كل ثلاثة اشهر يتلقى فيها تقارير عن عمل اللجنة المركزية خلال تلك الفترة. ويمتلك صلاحية مطالبتها بوقف بعض السياسات والمواقف. ويعكف عباس في هذه الاثناء بالتشاور مع مستشاريه على درس توزيع لجان المركزية على الاعضاء الجدد. وترجح مصادر مطلعة ان يخصص الرئيس مكانة نائب القائد العام للحركة لعضو اللجنة محمد غنيم (ابو ماهر) الذي عاد من تونس حديثاً للمشاركة في اعمال المؤتمر. وتقول هذه المصادر ان الرئيس يتجه الى استحداث دائرة جديدة للتخطيط والاستراتيجية في الحركة، وان اشتية هو المرشح الابرز لتوليها نظراً الى خبراته الواسعة في هذا المجال، علماً ان اشتية تولى حقائب وزارية، وهو يدير المجلس الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار) ووزارة الاشغال العامة والاسكان في الحكومة. وسيقدم اعضاء اللجنة المركزية الذين يتولون حقائب تنفيذية في السلطة الاسبوع المقبل استقالاتهم من مناصبهم تطبيقاً لقرار المؤتمر القاضي بعدم شغل عضو اللجنة اي منصب تنفيذي في السلطة والمنظمة. ويحتل 3 من اعضاء اللجنة مناصب تنفيذية في السلطة، هم الأمين العام للرئاسة الطيب عبد الرحيم، واشتية وزيرا الاشغال العامة والاسكان، وعباس زكي سفيراً لفلسطين في لبنان. وقال عضو اللجنة عزام الاحمد ان «فتح تمر بحالة من الترهل والتسيب جعلت منها رجلا مريضاً»، مشيراً الى الحاجة الى إعادة بنائها والنهوض بها. واضاف ان «اللجنة المركزية بحلتها الجديدة مكونة من ثلاثة أجيال هي الجيل المؤسس وجيل الرواد وجيل الشباب». واعتبر ان هذه التشكيلة «تسهل عملها والتواصل بين اعضائها». ويتجه عباس الى تعيين امرأة في اللجنة المركزية لتولي مهمة دائرة شؤون المرأة. وقال الاحمد ان اكبر ثغرة في المؤتمر هي غياب المرأة. وحصلت النساء المرشحات للجنة المركزية على مواقع متأخرة جداً، منهن انتصار الوزير (ام جهاد) التي حصلت على الموقع 40. ويتطلع اعضاء اللجنة المركزية الجديدة الى حمل حركتهم على لعب دور قيادي مركزي في الحياة السياسية الفلسطينية. وقال اشتية: «يجب ان نحضّر فتح للعب دور قيادي في المجتمع الفلسطيني. وسنعدها من اليوم للانتخابات المقبلة. سنعدها للعب دور في المنظمة وفي الحكومة». ووضع المؤتمر «فتح» على سكة المسار الديموقراطي بعد تعطيل استمر 20 عاما لم تشهد فيه اية انتخابات داخلية لاخيتار قيادتها. وقال الدكتور ناصر القدوة إن «أهم نتيجة لهذه الانتخابات هي انتصار الجوهر الديموقراطي في الحياة الداخلية للحركة، وحدوث تغيير جذري في الهيئة القيادية الأولى للحركة». واضاف ان «هذا النجاح يقودنا إلى ضرورة الاهتمام بجميع الملفات». ويولي القدوة اهمية خاصة لإعادة فتح ملف وفاة الرئيس ياسر عرفات. وقال القدوة: «ينتظرنا الكثير، مثل استكمال الوثائق التي من أهمها بناء مؤسسة قيادية حقيقية تشرف على أعمال الحركة، ووضع البرامج التفصيلية التنفيذية لما تم إقراره من قبل المؤتمر». ويرى مراقبون في التناقضات الصارخة بين بعض اعضاء اللجنة عائقاً امام عملها كفريق واحد في المرحلة المقبلة. وقال القدوة: «هذا صحيح، فالنتائج عكست واقع الحركة، لكن نوعية المسؤولية الملقاة على عاتق كل الأعضاء ستغير من نمط العلاقات الشخصية، وبالتالي سنكون قادرين على تجاوز أنماط سابقة نحو خلق أنماط صحية جديدة في تعاوننا المشترك وعملنا اليومي». واضاف: «ان ما جرى من تغيير واضح في المركزية يعكس رغبة حقيقية في التغيير بعد مرور 20 عاما و3 أجيال». ويحتل ملف قطاع غزة والعلاقة مع حركة «حماس» اهمية كبيرة في عمل اللجنة المركزية التي ترى ان ترهل اللجنة المركزية السابقة ادى الى ضياع القطاع ووقوعه تحت حكم «حماس». وقدمت اللجنة القيادية لحركة «فتح» في قطاع غزة التي كان يقودها عضو اللجنة السابق زكريا الآغا استقالتها للرئيس عباس واللجنة المركزية الجديدة. وقال الآغا ان هذه الاستقالة جاءت «وفق الأعراف والقوانين التنظيمية للحركة». ويتوقع ان يعين الرئيس احد شخصيات الحركة في القطاع عضواً في اللجنة المركزية الجديدة لمواصلة قيادة الحركة في القطاع. وتقول مصادر عديدة ان الرئيس يريد شخصية تعيش في قطاع غزة وقادرة على التفاهم مع «حماس» التي تدير القطاع لتولي هذه المهمة، علماً ان الآغا احجم عن التنافس على عضوية اللجنة المركزية بسبب تقدمه في السن.