ينتظر أن تتفاعل قضية نشر أسماء وصور شهود في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كانوا أدلوا بإفادات ومعلومات خلال التحقيقات في القضية أثناء فترات التحقيق المختلفة، والتي ستنظر بها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان استناداً إلى القرار الاتهامي الذي صدر عن الادعاء العام فيها، في آذار (مارس) المقبل. وعلمت «الحياة» من مصادر لبنانية متصلة بالمحكمة، أن الأخيرة ستجري تحقيقاً في القضية، للتأكد من صحة الأسماء المسربة والمعلومات عنها وإذا كانت صحيحة كيف تسربت. وكانت صحيفة «الأخبار» اللبنانية نشرت في عددها الثلثاء الماضي ما قالت إنها أسماء 17 شاهداً مع صورهم، ثم نشرت في عددها أمس السبت 15 اسماً مع صورهم أيضاً ووظائفهم وعناوين سكنهم، على أنهم شهود، وذيّلت المعلومات عن بعضهم بجزء مما جاء في إفادته وموضوعها. وعلّق النائب مروان حماده، الذي أدرجت قضية محاولة اغتياله على أنها من اختصاص المحكمة الخاصة بلبنان لترابطها مع جريمة اغتيال الحريري، على نشر أسماء وصور الشهود بالقول إن «التسريب يمكن أن يكون آتياً من موظفي أو أعضاء مكتب الدفاع الذين كانوا يصرخون للحصول على الملفات، ولما حصلوا عليها ربما بدأوا بالتصرف بها لينسفوا المحكمة وصدقيتها لكونهم حاولوا سابقاً نسف شرعيتها ثم جربوا نسف المحاكمات غير العلنية». وأضاف أن ما نشرته «الأخبار» «يقوي صدقية المحكمة الدولية ولكنه جريمة بحق من ذكرتهم، فهذا ترهيب»، متسائلاً: «إذا حصل أي شيء مع هؤلاء من يتحمّل مسؤولية ذلك ويحميهم؟». وقال حماده في حديث لإذاعة «الشرق»: «نحن على مقربة من انطلاق المحكمة الدولية، وسنشهد كما شهدنا عامي 2007 و2008 وعشية التمويل في لبنان، هجمة شرسة تستهدف المحكمة بدأت بوادرها تظهر في الصحف والتصريحات والمواقف والأحداث»، مشدداً على أن تلك الجهات «ستعمل على محاولة إما تأجيل المحاكمات إلى أجل غير مسمى أو إدراج نفسها وكأنها هي أيضاً ضحية ولا بد من مراجعة كل الملفات، وبالتالي ربما إلغائها وإعادة كل شيء الى لبنان، حيث نعلم أن لا قضاء ولا أمن ولا سلطة سياسية حقيقية». وسألت «الحياة» الناطق الرسمي باسم المحكمة مارتن يوسف الذي كان تحدث أول من أمس في ندوة نظمها مركز «سكايز» عن «الإعلام والعدالة الدولية»، مستغرباً ما نشر، فقال: «بداية أنا كناطق رسمي لا أعرف إذا كان الذين نشرت أسماؤهم وصورهم هم شهود. لقد جرى تقديمهم كشهود. ومبدئياً، حين تقوم أي وسيلة إعلامية متلفزة أو مكتوبة بنشر أي شيء من هذا النوع وإذا كان ما ينشر صحيحاً فإنه يعتبر تهديداً للأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم أو صورهم في الخبر الذي ينشر. وهو تهديد ليس لهم بل لغيرهم أيضاً. وهذا خطر ليس على المحكمة فقط بل على لبنان أيضاً». وأضاف يوسف: «لو سئل أي قاض أو محكمة عما يهدد العدالة الدولية في عملها لكان الجواب هو تهديد الشهود. ولو أراد البعض انتقاد المحكمة أو اتهامها بأنها مسيّسة أو أنها تقوم بتسريب معلومات ما، فهذا حق للصحافة والإعلام لأنه مرتبط بحرية الصحافة والمحكمة، عندها ترد أو تعلّق. لكن حين يحصل تهديد للشهود فهذا مختلف». وقال يوسف: «عموماً، من جهة المحكمة وحين نرى أن هناك شاهداً ما ستكون حياته في خطر ويؤدي ذلك الى تهديد شهود آخرين سواء جاؤوا من جهة الادعاء أم الدفاع أم الضحايا، فهناك إجراءات تسمح فيها المادة 60 من قواعد الأصول والإجراءات في المحكمة، وتقضي هذه الإجراءات إذا صح أن ما نشر هو لشهود فعليين، بأن تتم محاكمة من سربوا الأمر والحكم بعقوبة تصل الى 7 سنوات، أو بدفع غرامة مالية بقيمة 100 ألف يورو، إذا ثبت أن في الأمر تحقيراً للمحكمة». وأوضح يوسف أنه سبق أن أُعلن أن الادعاء سلم قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين ملفات 450 شاهداً «على أنها ملفات سرية». وتنص المادة 60 من قواعد الأصول والإجراءات، تحت عنوان: «الخطأ المهني الذي يرتكبه المدعي العام أو محامي الدفاع أو الممثل القانوني للمتضررين»، في فقرات عدة (سبق أن عدلت) على أنه «يمكن المحكمة أن توجه تنبيهاً رسمياً الى أي من هؤلاء في حال الخطأ أو تأجيل جلسة المحاكمة أو تعليقها أو منع المحامي والممثل القانوني أو المدعي العام من حضورها أو اعتبار أي منهم لم يعد يتمتع بالشروط المطلوبة لتمثيل مشتبه به أو متهم أمام المحكمة». كما يجوز المحكمة أن تدين بجرم التحقير كل من يعرقل عن قصد سير العدالة وهذا يشمل «أي شخص يكشف عن معلومات متصلة بالإجراءات وهو يعلم أن في ذلك انتهاكاً لأمر من قاضي الإجراءات التمهيدية أو الغرفة... وأي شخص يهدد شاهداً محتملاً أو أدلى بشهادة أو سيدلي بها».