حتى وقت قصير كان فنانون يمنيون كثر، ومن بينهم تشكيليون، ما زالوا يظنون أن انحسار نشاط نقابة التشكيليين اليمنيين يقتصر على توقف صدور المطبوعة المتخصصة التي كانت تصدر عنها، وربما جمود الحركة النقابية في البلاد. وقلّة كانت تعرف أن هذا الكيان النقابي قد حلّ تماماً، بل إن أعضاءه وأدُوا نقابتها بأيديهم، في بلد لطالما اتُّهمت حكومته بضرب المنظمات النقابية وتفريخ كيانات مماثلة لها. والحال أن النقابة حُلّت فعلاً قبل نحو عقدين، فيما اعتقدها كثيرون «غير فاعلة» فحسب! ولعل عدم انتشار الخبر أو العمل على تغيير هذا الواقع يعودان إلى لامبالاة فنانين ومثقفين وتشكيليين. لكن قصة زوال النقابة بدأت تتسرب أخيراً، إذ أكدت مصادر مطلعة ل «الحياة» نشوب خلافات بين النقيب والأمين العام للنقابة، امتدت إلى داخل الجسم النقابي، ما أدى إلى انقسامه. ويقول عضو الهيئة الإدارية والمسؤول الثقافي في النقابة، طلال النجار: «ليست الحكومة من دمّر النقابة بل نحن مَن دمّرها»، موضحاً أن النقابة انتهت بسبب صراع بين النقيب والأمين العام، ويضيف: «هناك مَن أراد أن تبقى النقابة مجرد اسم بلا محتوى ومن دون أن تقدم شيئاً إلى المنتسبين إليها». وهذه هي المرة الأولى التي تجهض فيها نقابة يمنية نفسها بنفسها، حتى قبل أن تعقد مؤتمرها الأول. وعلى رغم مضي نحو عقدين على زوال نقابتهم من الوجود، فإن التشكيليين لم ينعوا نقابتهم رسمياً. ويرشح عن أحاديث بعض التشكيليين، ومن بينهم مؤسّسون للنقابة، عدم وجود نية واضحة لإحياء النقابة أو تشكيل كيان بديل. وكان فنانون تشكيليون عمدوا، عقب تلاشي النقابة، إلى تأسيس مجموعة «الفن المعاصر» و «أتيلييه صنعاء». واستمر عمل المجموعة سنوات قليلة، ثم تفرق شملها لتتلاشى كما تلاشى الأتيلييه ونشاطه الثقافي الأسبوعي. ووفق مصادر مجموعة «الفن المعاصر»، فإن انفراط شملها وتوقف «الأتيلييه» جاءا بعد انسحاب التشكيلية آمنة النصيري من المجموعة لتفتتح مرسمها الخاص وتنشئ مؤسسة تعنى بالثقافة البصرية. ويقول البعض إن ضعف اهتمام التشكيليين بالحركة النقابية والشأن العام ربما كان وراء تلاشي نقابتهم، مشيرين إلى غياب أي اهتمام حزبي أو حكومي قد يدفع في اتجاه إحيائها، على غرار ما حدث مع نقابات أخرى. وتوصف النقابات اليمنية بأنها شديدة الاهتمام بالشأن السياسي الحزبي، لكن أداءها ضعيف في ما يتعلق بالجانب المهني والحقوقي للمنتسبين إليها. وخلت إجابات الأشخاص الذين تحدثت إليهم «الحياة»، من مبرّر مقنع في شأن تطوّر خلاف بين النقيب والأمين العام إلى شلل الجسم النقابي برمّته، بل القضاء على النقابة نهائياً. والواضح أن تبرير اندثار النقابة بخلاف سياسي يبدو ركيكاً، علماً أن بين من تحدثوا عن خلاف شخصي بين النقيب والأمين العام، مَن يشير إلى عائدات مالية كانت تدرّها عملية بيع لوحات من خلال النقابة. وكانت صحيفة «تشكيل» هي الأثر الوحيد الملموس للنقابة خلال عمرها القصير، وصدرت منها بضعة أعداد لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ثم توقفت.